تكنولوجياشؤون دولية

دول المواجهة تطالب بأموال الاتحاد الأوروبي مع تصاعد التهديد الروسي

في ظل تصاعد التهديدات الروسية على حدود الاتحاد الأوروبي الشرقية، تتجه ثماني دول أوروبية إلى رفع سقف مطالبها المالية والدفاعية من بروكسل، في رسالة سياسية وأمنية واضحة مفادها أن أمن “دول المواجهة” لم يعد شأناً وطنياً محضاً، بل مسؤولية جماعية يجب أن يتحملها الاتحاد الأوروبي بكامل مؤسساته وموارده.

وتعقد هذه الدول، وهي فنلندا والسويد وإستونيا ولاتفيا وليتوانيا وبولندا ورومانيا وبلغاريا، قمة خاصة في العاصمة الفنلندية هلسنكي يوم الثلاثاء، لمناقشة سبل تعزيز قدراتها الدفاعية، والضغط من أجل تخصيص جزء من ميزانية الاتحاد الأوروبي طويلة الأجل لتمويل أمن الجناح الشرقي.

ويأتي هذا الاجتماع في وقت حساس، مع تزايد الأنشطة العسكرية الروسية التي وصفتها دول المنطقة بأنها “اختبارات مباشرة للخطوط الحمراء”.

خلال الأشهر الماضية، رصدت دول البلطيق وبولندا ورومانيا اختراقات متكررة لأجوائها، شملت تحليق طائرات مقاتلة روسية، وإرسال طائرات مسيّرة إلى عمق أراضي بعض الدول الأعضاء.

كما اتهمت ليتوانيا بيلاروسيا، الحليف الوثيق لموسكو، باستخدام بالونات ضخمة لتعطيل حركة الطيران، في حين صدرت تصريحات روسية تهديدية، كان آخرها تلميح وزير الخارجية سيرغي لافروف إلى إمكانية إعادة النظر في العلاقة مع فنلندا على خلفية انضمامها إلى حلف شمال الأطلسي.

وعبرت رئيسة وزراء إستونيا، كريستين ميخال، عن موقف دول الجناح الشرقي، قائلة إن “تعزيز الجناح الشرقي لأوروبا يجب أن يصبح مسؤولية مشتركة لأوروبا”، في إشارة إلى رفض تحميل الدول الحدودية وحدها كلفة الدفاع عن حدود الاتحاد.

أما رئيس الوزراء الفنلندي بيتيري أوربو، الذي يقود هذه المبادرة، فقد أكد أن روسيا تشكل تهديداً طويل الأمد لأوروبا، وأن المنافسة على الموارد داخل الاتحاد لا ينبغي أن تكون على حساب الأمن.

ويتمثل الرهان الأساسي لهذه الدول في فتح “خزائن” الاتحاد الأوروبي. فبحسب مسؤولين أوروبيين، تطالب دول المواجهة بآليات مالية جديدة قائمة على التضامن، إلى جانب الاستفادة من الأدوات القائمة.

وتأتي هذه المطالب في سياق نقاش أوسع حول ميزانية الاتحاد للفترة 2028-2034، حيث تعتزم المفوضية الأوروبية رفع الإنفاق الدفاعي خمسة أضعاف ليصل إلى نحو 131 مليار يورو.

وترى دول الجناح الشرقي أن من حقها الحصول على حصة مخصصة من هذه الزيادة، نظراً لموقعها الجغرافي ودورها كخط الدفاع الأول في مواجهة روسيا.

كما تدفع باتجاه توسيع برامج القروض الدفاعية الأوروبية، على غرار برنامج “العمل الأمني من أجل أوروبا” البالغة قيمته 150 مليار يورو، وسط حديث عن إطلاق نسخة ثانية منه بعد الإقبال الكبير على النسخة الأولى.

ولا تقتصر المطالب على التمويل فقط، بل تشمل أيضاً إحياء مشاريع أوروبية عالقة، مثل مبادرة مراقبة الجناح الشرقي، ومشروع الدفاع الأوروبي ضد الطائرات المسيّرة.

وكانت هذه المشاريع قد واجهت معارضة من دول كبرى داخل الاتحاد، من بينها فرنسا وألمانيا والمجر، بدعوى أنها تمثل توسعاً مفرطاً لدور بروكسل في المجال الدفاعي.

في المقابل، يدرك قادة دول المواجهة أن تخصيص أموال أوروبية لمنطقة بعينها قد يثير حساسية لدى دول أخرى، لذا يسعون إلى ربط الإنفاق الدفاعي بالتنمية الاقتصادية الشاملة، من خلال مشاريع بنية تحتية يمكن أن تعود بالنفع على السوق الأوروبية ككل، وفتحها أمام شركات من مختلف الدول الأعضاء.

على الصعيد السياسي، تكشف القمة أيضاً عن تباينات في النظرة إلى الولايات المتحدة.

ففي حين ردت دول غربية كألمانيا والدنمارك بلهجة حادة على انتقادات إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تفضّل دول الخط الأمامي خطاباً أكثر حذراً، خشية المساس بالتزام واشنطن بالدفاع الجماعي ضمن حلف الناتو، الذي تعتبره الضمانة الأمنية الأخيرة في مواجهة موسكو.

وفي ظل احتمالات التوصل إلى وقف لإطلاق النار في أوكرانيا، يزداد القلق من أن يؤدي ذلك إلى إعادة توجيه القدرات العسكرية الروسية نحو حدود الاتحاد الأوروبي.

وبناءً عليه، ترى دول المواجهة أن اللحظة الراهنة تفرض على أوروبا أن تتحمل مسؤولية أكبر عن أمنها، ليس بالشعارات، بل بالأموال والقرارات الحاسمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى