الاتحاد الأوروبي يكافح للتوصل إلى حل وسط لإنقاذ اتفاق المساعدات لأوكرانيا

يسابق دبلوماسيون أوروبيون الزمن للتوصل إلى حل وسط في اللحظات الأخيرة لإنقاذ اتفاق بالغ الحساسية بشأن تقديم مساعدات مالية حيوية لأوكرانيا، قبيل انعقاد قمة قادة الاتحاد الأوروبي الـ27 في بروكسل.
وتأتي هذه الجهود وسط انقسام حاد بين الدول الأعضاء حول آلية تمويل كييف، ولا سيما مسألة استخدام الأصول الروسية المجمدة لدعم ماليتها المتدهورة.
وقبيل ساعات من اجتماع القادة، برز معسكران متواجهان داخل الاتحاد. الأول، تقوده ألمانيا ويضم دول الشمال الأوروبي وعددًا من دول شرق أوروبا، يرى أن منح قرض لأوكرانيا بضمان احتياطيات البنك المركزي الروسي المجمدة هو الخيار الوحيد القابل للتطبيق. وتُحتجز معظم هذه الأصول لدى مؤسسة «يوروكلير» المالية في بلجيكا.
أما المعسكر الثاني، فتقوده بلجيكا وإيطاليا، ويدعو إلى تمويل أوكرانيا عبر ديون مشتركة للاتحاد الأوروبي مضمونة من ميزانيته العامة، محذرًا من المخاطر القانونية والسياسية لاستخدام الأصول الروسية.
وأعاد هذا الانقسام إلى الواجهة توترات قديمة داخل الاتحاد، تشبه تلك التي تفجرت خلال أزمة الديون في منطقة اليورو قبل أكثر من عقد، حين انقسمت الدول بين شمال متحفظ على الديون المشتركة وجنوب مثقل بالأعباء المالية. واليوم، تتكرر الخلافات نفسها ولكن في سياق الحرب الأوكرانية.
وتعارض دول أخرى، من بينها المجر وسلوفاكيا وبلغاريا ومالطا، استخدام الأصول الروسية، فيما تلوّح بودابست تحديدًا بإفشال أي مسار يفرض عليها المشاركة في تمويل إضافي لكييف.
وفي هذا السياق، قالت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني إنها ستطالب خلال القمة بإجابات واضحة حول “المخاطر المحتملة” لاستخدام الأصول الروسية، في حين شدد المستشار الألماني فريدريش ميرتس على أن هذه الخطة ضرورية “للمساعدة في إنهاء الحرب بأسرع وقت ممكن”.
أمام هذا المأزق، بدأت ملامح “خطة هروب” تتشكل. فقد فتحت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين الباب بحذر أمام خيار الديون المشتركة، مشيرة في خطاب أمام البرلمان الأوروبي إلى أن المفوضية عرضت مسارين: أحدهما قائم على الأصول الروسية المجمدة، والآخر على اقتراض مشترك باسم الاتحاد. وأكدت أن القرار النهائي سيعود إلى القادة.
وبحسب دبلوماسيين أوروبيين، قد يتمثل الحل في المضي قدمًا باتفاق يضم 25 دولة فقط، مع استبعاد المجر وسلوفاكيا من المشاركة في التمويل، لتجاوز اعتراضاتهما. مثل هذا الترتيب قد يتيح تمرير الاتفاق قانونيًا، ويوفر شريان حياة عاجلًا للمالية الأوكرانية، التي يُتوقع أن تواجه خطر نفاد السيولة بحلول أبريل المقبل.
في المقابل، يقلل رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان من فرص طرح خيار الأصول الروسية على طاولة القمة، مؤكدًا أن النقاش يتجه نحو القروض المشتركة.
غير أن دبلوماسيين آخرين يصرون على أن استخدام الأصول الروسية لا يزال “الخيار الوحيد المتاح” لتأمين تمويل مستدام وكبير لأوكرانيا.
وتؤكد دول الشمال أن رفضها للديون المشتركة لا ينطلق من اعتبارات أيديولوجية أو اقتصادية داخلية، بل من قناعة بأن القرض القائم على الأصول الروسية يوفر تدفقات مالية أطول أمدًا لكييف.
ويشير مسؤولون إلى أن الفكرة الأساسية تقوم على أن أوكرانيا لن تسدد القرض إلا إذا دفعت موسكو تعويضات لإعادة الإعمار، وهو سيناريو غير مرجح في المدى المنظور.
في الوقت ذاته، تواجه بلجيكا ضغوطًا متزايدة لتليين موقفها، لكنها تزداد تمسكًا برفض استخدام أموال مودعة على أراضيها، خشية تداعيات قانونية قد تطال مركزها المالي.
ومع اقتراب ساعة الحسم، يحذر مسؤولون أوروبيون من أن الفشل في التوصل إلى اتفاق سيقوض مصداقية الاتحاد في دعم أوكرانيا، ويكشف مجددًا هشاشة قدرته على اتخاذ قرارات موحدة في القضايا المصيرية.



