رئيسيشئون أوروبية

الفائزون والخاسرون في قمة بروكسل: أوكرانيا تحصل على المال وأوروبا تدفع ثمن الانقسام

بعد اجتماع ماراثوني استمر نحو 16 ساعة، خرج قادة الاتحاد الأوروبي أخيرًا باتفاق لتمويل أوكرانيا عبر ديون مشتركة للاتحاد، في واحدة من أكثر القمم توترًا وحساسية منذ اندلاع الحرب الروسية.

ورغم أن كييف حصلت على الأموال التي تحتاجها، فإن القمة كشفت بوضوح خريطة جديدة للفائزين والخاسرين داخل أوروبا، وأبرزت حجم الانقسامات السياسية التي باتت تحكم قرارات الدعم.

أوكرانيا تحصل على التمويل… ولكن بشروط أوروبية معقّدة

وفر الاتفاق النهائي لأوكرانيا دعمًا ماليًا طال انتظاره، لكنه جاء بعد التخلي عن الخيار الذي دافعت عنه دول كبرى، والمتمثل في استخدام الأصول الروسية المجمدة.

وبدلاً من ذلك، لجأ القادة إلى الاقتراض المشترك، وهو حل لم يكن مفضّلًا لدى معظمهم، لكنه كان الخيار الوحيد الممكن في ظل الفيتوهات والاعتراضات.

بارت دي ويفر: الرابح الأكبر في معركة الأصول الروسية

برز رئيس الوزراء البلجيكي بارت دي ويفر كأحد أبرز الفائزين في القمة، بعدما نجح في إفشال خطة استخدام الأصول الروسية المجمدة، والتي عارضها منذ البداية محذرًا من تداعيات قانونية وانتقام روسي محتمل.

ودفع صموده الطويل، واستعداده للتفاوض حتى اللحظة الأخيرة، القادة في النهاية إلى التخلي عن الخطة والانتقال إلى “الخطة ب”: الاقتراض المشترك.

جورجيا ميلوني: صانعة التوازن في اللحظة الحاسمة

لعبت رئيسة الوزراء الإيطالية دور “صانعة الملوك” بهدوء لافت. فبعد أسابيع من التواري خلف الكواليس، انتظرت ميلوني استنزاف الخيارات الأخرى قبل أن تتدخل في التوقيت المناسب، مانحة الاتفاق دفعة أخيرة. دبلوماسيون أوروبيون أكدوا أنها لم تتحدث في الجزء الأول من القمة، لكنها كانت حاسمة في خواتيمها.

أنطونيو كوستا: صفقة في يوم واحد

رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا حقق هدفه الأساسي: إنهاء القمة في يوم واحد فقط. ورغم تعقيد الملف وتشابك المصالح، تمكن من إدارة التوازن بين المعسكرات المتصارعة دون الانحياز العلني لأي خيار، ليخرج باتفاق بدا مستحيلًا قبل ساعات فقط.

الجميع يربح… إلى حدٍّ ما

في مفارقة لافتة، خرج كل طرف رئيسي في الحرب بمكسب ما. أوكرانيا حصلت على التمويل، وأوروبا أوفت بتعهدها السياسي، وروسيا تجنّبت استخدام أصولها المجمدة ضدها، فيما احتفظ دونالد ترامب بورقة ضغط محتملة في أي مفاوضات سلام مستقبلية.

الخاسرون: حين تسقط الرهانات الكبرى

فريدريش ميرز: قمة الهزائم السياسية

كانت القمة قاسية على المستشار الألماني فريدريش ميرز، الذي خسر معركتين في ساعات: تأجيل اتفاقية ميركوسور، وإسقاط خطة استخدام الأصول الروسية التي دافع عنها بشراسة. الرهان الألماني على أن الاقتراض المشترك “مستحيل” سقط عمليًا، بعدما أُقرّ مع انسحاب ثلاث دول فقط.

أورسولا فون دير لاين: خسارة الزخم

رئيسة المفوضية الأوروبية وجدت نفسها في صف الخاسرين أيضًا. فبعد محاولات طويلة لإبعاد خيار الاقتراض المشترك، اضطرت في النهاية لفتحه، لكن بعد أن فقدت القدرة على نسب الاتفاق لنفسها، بعدما انتقل زمام المبادرة إلى قادة آخرين.

دول الشمال: نهاية سردية “الخيار الوحيد”

رغم دعمها الضمني لخطة الأصول الروسية، انتهت القمة بانتصار المعسكر المقابل. السردية التي روجت لها دول الشمال حول “الحل الوحيد الممكن” انهارت أمام واقع سياسي مختلف.

المجر وسلوفاكيا والتشيك: مكسب قصير الأجل وعزلة محتملة

تفادت الدول الثلاثة الالتزامات المالية المباشرة، لكنها دفعت نفسها خطوة إضافية نحو العزلة داخل الاتحاد الأوروبي. فالتمويل سيمضي قدمًا من دونها، بينما تبقى تداعيات موقفها مفتوحة على احتمالات سياسية صعبة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى