الاتحاد الأوروبي يتحمّل كلفة باهظة لتمويل أوكرانيا: 3 مليارات يورو فوائد سنوية

سيتحمل دافعو الضرائب في دول الاتحاد الأوروبي كلفة سنوية تُقدَّر بنحو 3 مليارات يورو كفوائد على ديون مشتركة، في إطار خطة أوروبية جديدة لتمويل دفاع أوكرانيا في حربها المستمرة مع روسيا، وفق ما أكده مسؤولون كبار في المفوضية الأوروبية.
وجاء هذا القرار بعد أن اتفق قادة الاتحاد الأوروبي في الساعات الأولى من صباح الجمعة على جمع ما يقارب 90 مليار يورو خلال العامين المقبلين، بضمان من ميزانية الاتحاد، بهدف منع نفاد التمويل الأوكراني المخصص للحرب اعتبارًا من أبريل المقبل.
ويأتي ذلك في وقت تواجه فيه كييف عجزًا حادًا في ميزانيتها يُقدَّر بـ71.7 مليار يورو للعام المقبل، وسط استمرار العمليات العسكرية وتعهد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بمواصلة القتال.
وبحسب الخطة الجديدة، سيحصل الاقتصاد الأوكراني المنهك على 45 مليار يورو خلال العام المقبل وحده، على أن تُصرف الأموال المتبقية في عام 2027. ويُنظر إلى هذا التمويل على أنه شريان حياة حاسم لكييف مع دخول الحرب عامها الخامس.
وقد فضّل قادة الاتحاد الأوروبي اللجوء إلى زيادة الدين المشترك بدلًا من استخدام الأصول الروسية المجمدة داخل التكتل، وهي خطوة كانت مثار جدل واسع خلال الأشهر الماضية.
وكانت محاولات التوصل إلى توافق بشأن استغلال هذه الأصول تعثرت خصوصًا بسبب معارضة بلجيكا، التي تستضيف شركة “يوروكلير” المالية في بروكسل، حيث يُحتفظ بمعظم الأصول الروسية المجمدة.
وطالب رئيس الوزراء البلجيكي بارت دي ويفر بضمانات مالية غير محدودة في حال استخدام تلك الأصول، وهو ما اعتبره شركاؤه الأوروبيون مطلبًا يفوق قدراتهم السياسية والمالية، ويدفع بمخاطر قانونية جسيمة.
ولن تشارك كل دول الاتحاد الأوروبي في تحمّل عبء الديون الجديدة. فقد قررت كل من التشيك والمجر وسلوفاكيا عدم الانضمام إلى الدول الـ24 الأخرى في تقاسم الدين، لكنها وافقت في المقابل على عدم عرقلة التمويل المخصص لأوكرانيا.
ولمعالجة هذا الانقسام، تعتزم المفوضية الأوروبية اقتراح آلية “التعاون المُعزَّز” مطلع الأسبوع المقبل، لتوفير إطار قانوني يسمح للدول الراغبة بالمضي قدمًا دون إجماع كامل.
ووفقًا لمسؤولي المفوضية، ستبدأ مدفوعات الفوائد على هذا الدين في عام 2027 بكلفة أولية تبلغ نحو مليار يورو، قبل أن ترتفع إلى 3 مليارات يورو سنويًا بدءًا من عام 2028 وحتى نهاية الإطار المالي متعدد السنوات للاتحاد الأوروبي، الممتد لسبع سنوات.
وتموَّل هذه الفوائد بشكل أساسي من مساهمات حكومات الدول الأعضاء، ما يعني تحميل الأعباء مباشرة لدافعي الضرائب الأوروبيين.
ومن الناحية النظرية، لن تُطالَب أوكرانيا بسداد القرض إلا بعد انتهاء الحرب ودفع روسيا تعويضات حرب، وهو سيناريو يراه مسؤولون أوروبيون بعيد المنال في المدى المنظور.
ويعني ذلك عمليًا أن الاتحاد الأوروبي قد يجد نفسه مجبرًا على تجديد الدين بشكل متكرر، أو العودة مستقبلًا إلى خيار استخدام الأصول الروسية المجمدة لسداده، وهو ما سيتطلب توافقًا سياسيًا جديدًا لا يبدو قريبًا.
وتعكس هذه الخطة حجم الرهان الذي يضعه الاتحاد الأوروبي على دعم أوكرانيا، حتى وإن كان الثمن ارتفاع الدين المشترك وتحميل الأجيال القادمة أعباءً مالية إضافية.
وبينما يصر القادة الأوروبيون على أن أمن القارة على المحك، يرى منتقدون أن القرار يكشف حدود الوحدة الأوروبية، ويطرح تساؤلات جدية حول العدالة في توزيع كلفة الحرب، ومن سيدفع فاتورتها في النهاية.



