رئيسيشؤون دولية

الرئيس الروماني: الاقتصاد تغلّب على الأخلاق في عالم ترامب الجديد

قال الرئيس الروماني نيكوشور دان إن عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض غيّرت قواعد اللعبة في العلاقات الدولية، معتبرًا أن الاعتبارات الاقتصادية والبراغماتية باتت تتقدم على القيم والأخلاق في “العالم الجديد” الذي تقوده واشنطن، وداعيًا الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى فهمٍ متبادل أعمق لعبور هذه المرحلة الانتقالية الصعبة.

وفي مقابلة مع موقع «بوليتيكو» على هامش قمة الاتحاد الأوروبي في بروكسل، أوضح دان أن القادة الأوروبيين أمضوا معظم عام 2025 في محاولة التكيّف مع نهج إدارة ترامب، التي قلّصت دعمها المالي والعسكري لأوكرانيا، وفرضت تعريفات جمركية على الاتحاد، وهاجمت قادته علنًا، إلى جانب محاولات التأثير في السياسات الداخلية الأوروبية عبر دعم أحزاب “وطنية” مناهضة للهجرة.

وقال دان: «لقد تغيّر العالم. انتقلنا من طريقة أخلاقية – إلى حدّ ما – في إدارة الأمور، إلى طريقة عملية واقتصادية للغاية».

وأضاف أن أوروبا باتت مضطرة لصياغة استراتيجيات واقعية للتعامل مع هذا التحول، مع الأخذ في الحسبان الزخم الذي تمنحه واشنطن لخصوم الوسط الأوروبي من اليمين الشعبوي.

وأبدى الرئيس الروماني قلقه من ما وصفه بمحاولات “التأثير غير الديمقراطي” في السياسة الأوروبية، مشيرًا إلى أن التعبير عن الرأي مشروع، لكن تمويل وسائل إعلام أو حملات ضغط داخل الدول الأوروبية يشكّل مشكلة، «على نحو يشبه ما تفعله روسيا»، على حد تعبيره.

وتحظى العلاقات مع الولايات المتحدة بأهمية خاصة لبوخارست، الواقعة على الجناح الشرقي للاتحاد الأوروبي وعلى حدود أوكرانيا، والتي تستضيف قاعدة رئيسية لحلف شمال الأطلسي ومنشأة أمريكية للدفاع الصاروخي.

غير أن قرار إدارة ترامب سحب 800 جندي أمريكي من رومانيا أثار مخاوف داخلية بشأن الالتزامات الأمنية الأمريكية.

ورغم ذلك، شدد دان على أن أوروبا والولايات المتحدة “حليفتان طبيعيتان” لتشاركهما القيم، معربًا عن أمله في استعادة “شراكة حقيقية” على المدى المتوسط. لكنه أقرّ بأن التحالف عبر الأطلسي يمرّ بمرحلة انتقالية تتطلب فهمًا متبادلًا أعمق.

وعن توصيف ترامب للقادة الأوروبيين بأنهم “ضعفاء”، قال دان إن في ذلك “بعض الصحة”، مشيرًا إلى بطء اتخاذ القرار داخل الاتحاد.

لكنه لفت إلى أن بروكسل، رغم الانقسامات، اتخذت في النهاية قرارًا مهمًا بالاتفاق على آلية تمويل لأوكرانيا عبر اقتراض مشترك بقيمة 90 مليار يورو، ما يضمن استمرار دعم كييف في مواجهة روسيا.

وفيما يخص آفاق السلام، عبّر دان عن تشاؤم حذر، معتبرًا أن نهاية الحرب لا تزال بعيدة، لأن موسكو ترى أن إطالة أمد القتال قد يخدم مصالحها.

وأيّد دعوة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لمزيد من الضغط الأمريكي على الكرملين، مرحّبًا في الوقت نفسه بالعقوبات القوية التي فرضتها إدارة ترامب على شركات نفط روسية، وبانفتاح واشنطن على تقديم ضمانات أمنية لدعم اتفاق نهائي.

داخليًا، يواجه دان تحديات تتعلق بتراجع الثقة في الديمقراطية بعد إلغاء انتخابات 2024 بسبب شبهات تدخل روسي، فضلًا عن تفشي الفساد.

واعترف بأن التقدم في هذا الملف كان محدودًا خلال الأشهر الأولى من ولايته، لكنه تعهّد بإصلاحات قضائية وتشريعية لتعزيز الجدارة والشفافية.

وختم دان بالتحذير من حملات التضليل الروسية، مؤكدًا أن بلاده كانت هدفًا لها منذ سنوات، وأن مواجهة سيل الأخبار الكاذبة باتت تحديًا مشتركًا لأوروبا بأسرها في عالم يتقدم فيه الاقتصاد على الأخلاق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى