الشرق الاوسطرئيسي

حائجة كورونا تحول الكويت من جنة للعمال إلى جحيم لا يطاق

قالت إمباكت الدولية لسياسات حقوق الإنسان إن على السلطات الكويتية التدخل بشكل فوري بإجراءات فاعلة لإنهاء معاناة مئات آلاف العمال في الكويت ممن يعانون من تأخر رواتبهم وسوء المعاملة في ظل أزمة تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد.

وأكدت إمباكت أن شركات خاصة في الكويت تجحف بحقوق عمالها، بما في ذلك انتظام صرف رواتبهم وضمان الإقامة الملائمة لهم، مشيرة إلى أنه برغم بدء الحكومة باتخاذ إجراءات لكنها ما تزال غير كافية.

ويوجد في الكويت نحو 3.4 مليون عامل أجنبي، علمًا بأن عدد سكانها لا يتجاوز الـ 4.8 مليون نسمة. ولطالما وصفت الدولة الخليجية بأنها قبلة للعمال الأجانب من كافة الجنسيات، لكن أزمة جائحة كورونا تركت آثارًا سلبية عديدة.

وتابعت إمباكت اعتصامًا نظمه ما يزيد عن 200 عاملًا أجنبيًا في منطقة المهبولة في محافظة الأحمدي جنوب الكويت بسبب عدم دفع رواتبهم، حيث أكد العمال أنهم لم يتلقوا رواتبهم منذ أربعة أشهر.

وذكر العمال وهم من جنسيات مصرية وهندية وموزمبيقية وزيمبابوية إلى جانب جنسيات أخرى، أنهم يعملون في شركة (إكسبلومو للخدمات الفنية المحدودة) التي بدأت بإجبارهم على العودة إلى منازلهم دون منحهم مستحقاتهم المالية.

وأفاد العامل مصري الجنسية (أ. ط) ويبلغ (39 عامًا) أن آخر مرة تم فيها دفع رواتب غالبية الموظفين أمثاله في الشركة تعود إلى فبراير الماضي، ورغم تلقيهم عدة وعود بمنحهم حقهم في رواتبهم، فإن الإدارة لم تلتزم بإنصافهم.

وذكر العامل المصري أنه يعمل في الشركة منذ أربعة أعوام، وقد صدموا بالإدارة تطلب منهم العودة إلى بلدانهم الأصلية وتعدهم بإرسال أموالهم هناك، الأمر الذي رفضوه بشدة.

وأضاف أن إدارة الشركة طالبتهم بإخلاء المبنى الذي يعيشون فيه بشكل قسري خلال مهلة أربعة أيام (تنتهي اليوم) دون توفير مكان بديل ملائم لهم أو صرف مستحقاتهم المالية.

إلى جانب ذلك، يواجه عمال أجانب في شركة (خالد علي الخرافي) في منطقة المهبولة ذاتها ظروفًا مماثلة من الإجحاف بحقوقهم وعدم انتظام صرف رواتبهم.

وذكر عامل أردني الجنسية (ع. ط) في نهاية الثلاثينات من عمره، أنهم لم يتلقوا رواتبهم منذ شهرين كاملين، فيما يتم التعسف بحقوقهم وأوضاعهم المعيشية رغم أن الشركة استقدمته بعقد كامل منذ خمسة أعوام.

وقال إن إدارة الشركة المذكورة أبلغتهم أنهم في إجازة غير مدفوعة الأجر منذ 25 أبريل الماضي، وقد تمت مصادرة جوازات سفرهم، فضلًا عن توقف الشركة عن تغطية إيجار مبنى سكنهم والخدمات المقدمة لهم. وأضاف أنهم وجهوا شكوى إلى وزارة العمل الكويتية حول ما يتعرضون له لكنهم لم يتلقوا أي رد حتى الآن.

يقدر بأن نحو 500 ألف موظف وافد في الكويت فقدوا وظائفهم خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وسط مخاوف من أن يكون العدد أكبر من ذلك، فيما توقفت الرواتب عن عشرات الآلاف تمامًا كليًا أو جزئيًا منذ بدء فرض التدابير الاحترازية لمكافحة تفشي جائحة كورونا.

كما غادر أكثر من مائة ألف من العمال الأجانب الكويت مؤخرًا، وسط شكاوى من أن مئات الآلاف عالقون في مناطق مغلقة في (جليب الشويخ)، و(المهبولة) ومناطق أخرى من البلاد بدون دخل ولا يستطيعون المغادرة.

في هذه الأثناء فإن الجهات الحكومية في الكويت ساهمت في مزيد من المعاناة للعمالة الوافدة بفعل تحملهم أعباء تأخير صرف الحكومة المستحقات للشركات المتعاقدة معها، وفي مقدمتها شركات النظافة والحراسة التي يتجاوز عدد المسجلين عليها آلاف العمال، مما يؤخر صرف تلك الشركات رواتبهم، بل إن بعضها توقف عن الصرف بالفعل.

وأغلب هؤلاء العمال يقطنون في مناطق فرض عليها العزل منذ أكثر من شهرين، وقد تقطعت بهم سبل الحياة، ما دفعهم للاعتصام في شوارع جليب الشيوخ وغيرها، وسط تبريرات حكومية بضرورة الانتظار لعودة الحياة للوزارات والمؤسسات الحكومية لبدء الصرف.

وقالت إمباكت الدولية إن تأخر تدخل الهيئة العامة للقوى العاملة في الكويت وتقصير الحكومة تجاه صرف مستحقات شركات يتسبب في تعقيد أوضاع العمالة الأجنبية ويزيد معاناتها على كافة الأصعدة.

وذكرت أن تصريح وزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية “مريم العقيل”، بشأن تخصيص مكتب للهيئة العامة للقوى العاملة في المناطق المعزولة لتلقي الشكاوى العمالية عند حدوث أي خلاف مع أصحاب الأعمال، أو تقصير في تطبيق الحقوق العمالية غير كاف ويتطلب إجراءات أكثر فاعلية لإنصاف العمال الأجانب.

مع ذلك رحبت إمباكت بإعلان “العقيل” التعامل مع شكاوى كثيرة كشفت النقاب عن شركات يشتبه في اتجارها بالبشر والإقامات، وأنه تم اتخاذ الإجراءات القانونية ضدها.

كما أبدت إمباكت ارتياحها لإعلان الهيئة العامة للقوى العاملة مخاطبة جهات حكومية لحجز الكفالة المالية والدفعات المقررة لشركات يتم ثبوت تعسفها بحقوق العمال الأجانب وعدم دفع رواتبهم.

في الوقت نفسه، طالبت إمباكت الجهات الحكومية في الكويت بمضاعفة جهودها وإجراءاتها لإلزام كافة الشركات في البلاد بالالتزام بحقوق العمال بما يشمل صرف رواتبهم في موعدها، وصرف الحوافز نظير الأعمال الإضافية وتوفير ظروف العمل والإقامة الآمنة وعدم تركهم فريسة للاستغلال بسبب جائحة كورونا.

وأكدت على ضرورة وفاء السلطات الكويتية بالتزاماتها تجاه المواثيق والاتفاقيات الدولية ومنها “العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية” الذي تنص المادة (7) منه على أن لكل شخص الحق في التمتع بشروط عمل عادلة ومرضية تكفل على الخصوص أجرًا منصفًا، وعيشًا كريمًا للعمال ولأسرهم وظروف عمل تكفل السلامة والصحة.”

كما أن الكويت ملزمة بالتزاماتها تجاه الاتفاقيات الدولية لحماية العمال بما في ذلك ضرورة دفع الأجور دوريًا واتخاذ تدابير لتوسيع إعانات البطالة لتشمل العمال الذين يواجهون مشكلة فقدان الكسب بفعل البطالة الجزئية لاسيما في وقت الأزمات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى