رئيسيشؤون دوليةمقالات رأي

بلدة سورية تضع الحليفتين أمريكا وتركيا على خط المواجهة

اسطنبول- وضع نزاع بين تركيا والولايات المتحدة بشأن السيطرة على بلدة بشمال سوريا البلدين الشريكين في حلف شمال الأطلسي على خط مواجهة الأمر الذي أدي إلى تفاقم خلاف دبلوماسي بينهما قبل زيارة وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون لتركيا.

وتواجه محادثات هذا الأسبوع صعوبة بالفعل بسبب الخلافات حول الحملة التي يشنها الرئيس رجب طيب إردوغان منذ محاولة الانقلاب في 2016 واحتجاز مواطنين أمريكيين وموظفين في القنصلية الأمريكية ومحاكمة مسؤول تنفيذي مصرفي تركي لمساعدة إيران في التحايل على العقوبات الأمريكية. وأدى النزاع بشأن سوريا إلى زيادة صعوبة هذه المحادثات.

وأقامت القوات التركية والأمريكية، التي انتشرت كل منها بجانب مقاتلين محليين، مناطق نفوذ على حدود سوريا الشمالية. وفي تحرك أثار غضب أنقرة تحالفت الولايات المتحدة مع قوات سوريا الديمقراطية بقيادة وحدات حماية الشعب الكردية، وهي فصيل تقول تركيا إن قادته يشرفون على التمرد في أراضيها الجنوبية الشرقية.

ووصل النزاع إلى مرحلة المواجهة حول بلدة منبج السورية حيث هددت تركيا بطرد قوات سوريا الديمقراطية وحذرت الولايات المتحدة، التي لها قوات هناك، من التدخل.

وقال إردوغان الشهر الماضي قبل أيام من شن هجوم عسكري ضد وحدات حماية الشعب في منطقة عفرين بشمال غرب سوريا “هذا ما يجب أن نقوله لجميع حلفائنا… لا تقفوا بيننا وبين المنظمات الإرهابية وإلا فلن نكون مسؤولين عن عواقب غير مرغوب فيها”.

وأضاف أن تركيا ستحول اهتمامها إلى منبج على بعد نحو 100 كيلومتر شرقي عفرين في أقرب وقت ممكن.

لكن واشنطن تقول إنها لا تعتزم سحب جنودها من منبج، وزار اثنان من القادة الأمريكيين المدينة الأسبوع الماضي لتعزيز هذه الرسالة.

كما حذرت من أن الهجوم الجوي والبري الذي تشنه تركيا في عفرين قد يؤدي إلى تفاقم أزمة إنسانية في سوريا وزعزعة إحدى المناطق القليلة في البلاد التي ظلت مستقرة خلال سبع سنوات من الحرب الأهلية.

وفي تقييم صريح وإن كان ربما مخففا بعض الشيء لزيارة تيلرسون قال مسؤول بوزارة الخارجية الأمريكية إن واشنطن تتوقع “محادثات صعبة” في أنقرة.

وبالنسبة لتركيا وضع النزاع العلاقات مع الولايات المتحدة على شفا الانهيار.

وقال وزير الخارجية مولود تشاووش أوغلو يوم الاثنين “سنناقش هذه القضايا خلال زيارة تيلرسون. علاقاتنا تمر بمرحلة حرجة للغاية… إما سنحسن علاقاتنا أو ستتدهور تماما”.

“بادرة عسكرية خرقاء”

مع تصاعد حدة الخلاف بين واشنطن وأنقرة، قامت تركيا ببناء جسور مع القوتين المنافستين روسيا وإيران، رغم أن دعمهما ساعد في ترجيح كفة الرئيس السوري بشار الأسد في المعركة بينما لا تزال تركيا تدعم مقاتلي المعارضة الذين يريدون الإطاحة به.

واتفقت الدول الثلاث على خطة لم تؤت ثمارها حتى الآن لخفض القتال بين الجيش السوري الذي تدعمه القوات الجوية الروسية والفصائل المدعومة من إيران والمقاتلين الجهاديين ومقاتلي المعارضة المدعومين من تركيا.

وتقول تركيا إنها نالت موافقة من روسيا التي تسيطر على معظم المجال الجوي في غرب سوريا لشن عملية عفرين.

وعلى النقيض تقول أنقرة إن واشنطن لم تف بعد بعدد من الالتزامات مثل وقف تسليح وحدات حماية الشعب الكردية واستعادة الأسلحة التي قدمتها للوحدات بالفعل بعد هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا وسحب قوات وحدات حماية الشعب من منبج.

وقالت جولنور أيبيت كبيرة مستشاري إردوغان للعلاقات الدولية إن زيارة اثنين من القادة العسكريين الأمريكيين لمنبج كانت “بادرة عسكرية خرقاء” غلب عليها قصر النظر والتهور.

وقالت “ليس مفيدا … للجنرالات الأمريكيين في الميدان القيام باستعراض يتسم بالوقاحة والاستفزاز في منبج بجانب وحدات حماية الشعب في الوقت الذي تحاول فيه الولايات المتحدة وتركيا إيجاد أرضية مشتركة”.

ووصفت العلاقات مع واشنطن بأنها “هشة ومخيبة للآمال لعدم الوفاء بالتعهدات وعدم وجود تنسيق بين البيت الأبيض والجيش”.

نظرة سلبية للولايات المتحدة

قال إردوغان كذلك إن تركيا “ستسحق” القوة التي تخطط الولايات المتحدة لتطويرها في الاجتياح الكبير لشمال سوريا الذي تسيطر عليه وحدات حماية الشعب وحلفاؤها في الوقت الراهن ، بما في ذلك أكثر من 400 كيلومتر من الحدود مع تركيا.

وتجد نبرته الصارمة، قبل عام من انتخابات رئاسية وبرلمانية، صدى في بلد يشير استطلاع للرأي نشرت نتائجه يوم الاثنين إلى أن 83 فى المئة من سكانه ينظرون إلى الولايات المتحدة بشكل سلبي.

كما اظهر الاستطلاع الذي أجراه مركز التقدم الأمريكي أن 46 في المئة من الأتراك يعتقدون أن على بلادهم أن تبذل المزيد من الجهود لمواجهة الولايات المتحدة مقابل 37 في المئة يعتقدون أنها يجب أن تحافظ على تحالفها مع واشنطن.

وعززت هذه المشاعر موقف إردوغان الرافض للخضوع في نزاعات أخرى مع واشنطن.

ورفض إردوغان الانتقادات التي وجهت للحملة التي شنتها تركيا منذ محاولة الانقلاب في يوليو تموز 2016 والتي قتل خلالها 250 شخصا. وقال إن الرد مبرر بسبب التحديات الأمنية التي تواجهها تركيا.

كما قال إن إدانة المحكمة الأمريكية لمسؤول تنفيذي في بنك خلق المملوك للدولة فى تركيا بتهمة مساعدة إيران على التهرب من العقوبات المفروضة عليها هي “محاولة انقلاب سياسية” أظهرت أن الشراكة الأمريكية التركية تتآكل.

وفى أكتوبر تشرين الأول اتهم إردوغان القنصلية الأمريكية في اسطنبول بإيواء موظف له صلات مع رجل الدين فتح الله كولن المقيم في أمريكا والذي اتهمته أنقرة بتدبير محاولة الانقلاب. وطلبت تركيا تسليم كولن الذي نفى أي صلة بمحاولة الانقلاب.

وأدى احتجاز تركيا لموظفين محليين يعملان في القنصلية الأمريكية دون تقديم أدلة حسبما تقول واشنطن إلى تعليق البلدين خدمات إصدار التأشيرات. وحتى عندما استؤنفت الخدمات اختلف البلدان علنا ​​بشأن الضمانات التي قدمت لتسوية خلافهما.

وقال أوزجور أونلو هيسار جيكله من صندوق مارشال الألماني للولايات المتحدة الذي يروج للتعاون عبر الأطلسي فى تقرير نشر قبل رحلة تيلرسون ” لم يعد بالإمكان التعامل مع التحالف الأمريكي التركي على أنه أمر مسلم به”.

وأضاف “حقيقة أن هذه العلاقة سبق وصمدت أمام عدة اختبارات ضغط في الماضي ليست ضمانة بأنها ستصمد هذه المرة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى