الأورومتوسطي: مخالفة قطر لقوانين حرية الرأي وتكوين الجمعيات يقوّض حقوقًا فردية أساسية
انتقد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان اليوم سياسات وتشريعات تطبقها دولة قطر تحد من حرية الرأي والتعبير والتجمّع السلمي، وحرية تكوين الجمعيات والنقابات، بما يتعارض مع المواثيق الدولية الموقعة عليها الدوحة، والدستور القطري الذي يكفل تلك الحقوق.
وقال المرصد الأورومتوسطي ومقره جنيف في تقرير موجز له، إن تلك السياسات تقوض الحقوق الأساسية للأفراد في التعبير عن آرائهم بما يتوافق مع حقوق الإنسان التي تكفلها المواثيق والمعاهدات الدوليّة، وهو ما قد يؤدي إلى تراجع الحالة الحقوقيّة التي شهدتها قطر مؤخرا.
وأوضح أن القيود المفروضة على الحق في حرية الرأي والتعبير في قطر تنتهك نصوص دستور الدولة وتقيّد حرية وسائل الإعلام وفقا لنصوص قانون الإعلام الصادر سنة 2012، إضافة لبنود قانون المطبوعات والنشر لعام 1997 الذي ينص على المعاقبة بالحبس لكل من يتعرّض لشخص أمير قطر، ويفرض حظرًا واسعًا على وسائل الإعلام فيما يتعلّق بتناول مسائل قد تتسبب في إلحاق الضرر “بالمصلحة العليا للبلاد” أو تخلّ “بالآداب العامة”.
وتنص المادة “19” من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن “يتمتّع كل شخص بـ ” حرية الرأي ” والتعبير، ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق الآراء دون مضايقة”، وكذلك ينص الدستور القطري في المادة “47” بحريّة الرأي والبحث العلمي وفقًا للشروط والأحوال التي يحدّدها القانون.
وأعرب المرصد الأورومتوسطي عن إدانته للمتطلّبات الصعبة التي فرضتها الحكومة القطرية وقيود إنشاء منظمات مجتمع مدني، ما يفضي إلى تشديدٍ على عمل منظمات حقوق الإنسان المستقلة في البلاد.
وتشير المادة “35” من قانون الجمعيات والمؤسسات الخاصة لسنة 2004 على حظر مشاركة منظمات المجتمع المدني في أنشطة سياسية غير محددة، وكذلك يتوجب على منظمات المجتمع المدني الحصول على ترخيص من وزارة الشؤون الاجتماعية، التي قد ترفض بدورها تسجيل أيّة منظمة إذا رأت أنها تشكل تهديدًا للمصلحة العامّة، ما يجعل أعداد منظمات المجتمع المدني المسجلة في قطر محدودة للغاية.
وعلى الرغم من النص الدستوري القطري في المادة “45”، الذي يكفل “حرية تكوين الجمعيات وفقًا للشروط والأوضاع التي بيّنها القانون”، إلّا أن القطريين وغير القطريين في البلاد محرومين من تكوين نقابات، خاصة العمال الأجانب والبالغ نسبتهم 90%من مجموع العمال في الدولة.
وأكد الباحث القانوني في المرصد الأورومتوسطي “محمد عماد” أن المادة “120” من قانون العمل القطري رقم “14” لسنة 2004، تنص على أنه لا يجوز لموظفي الخدمة العامة والعاملين في المنازل وفي قطاع الصحة العامة وأفراد قوات الأمن تنظيم إضرابات، ويحظر القانون صراحةً على العمال المهاجرين تنظيم إضرابات، الأمر الذي يعد انتهاكًا واضحًا لنصوص القوانين الدولية التي تؤكد على حق العمال في تنظيم إضرابات سلميّة.
ويكفل العهد الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في مادته الثامنة بتعهد الدول الأطراف بكفالة حق كل شخص في تكوين النقابات بالاشتراك مع آخرين وفي الانضمام إلى النقابة التي يختارها بقصد تعزيز مصالحه الاقتصادية والاجتماعية وحمايتها، ولا يجوز بأيّ شكل أن يقيّد هذا الحق إلا لمخالفة القانون المنصوص عليه.
ونوّه الباحث القانوني إلى أنّ قطر لم توقع أو تصادق على كلٍ من اتفاقية “الحرية النقابية وحماية الحق في التنظيم” رقم “87” لسنة 1948، الصادرة عن مؤتمر العمل الدولي في يوليو من نفس العام، وكذلك اتفاقية “الحق في التنظيم والمساومة الجماعية” رقم “98” لسنة 1949 واللتان كفلتا حق إنشاء النقابات والتجمعات المهنية والقيام بإضرابات واعتصامات للمطالبة بحقوق العمال والمهنيين.
وعليه دعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان السلطات القطرية إلى تعديل قوانينها الداخلية بما يسمح للأفراد والعمال بممارسة حقهم القانوني بالتعبير عن آرائهم بالاحتجاج السلمي، إذ ما زالت السلطات تتشدد في إعطاء التصاريح للأفراد والعمال الأجانب بإقامة التظاهرات السلمية المكفولة بالقانون الدولي وبالحقوق المدنية والسياسية.
وحث المرصد الحقوقي الدولي السلطات القطرية على مواكبة القوانين الدولية فيما يتعلّق بالحق بالتجمع السلمي و حرية الرأي والتعبير، وأن تتوافق تشريعات السلطات القطرية مع مبادئ حرية الرأي والتعبير.
كما دعاها إلى مواءمة تشريعاتها الوطنية مع المعايير الدولية المتعلقة بالحق في تكوين الجمعيات وكافة الحقوق الإنسانية للمواطنين القطريين والأجانب على حدٍ سواء، وإتاحة الفرصة للعمال والمهنيين لتكوين جمعيات ونقابات تمارس دورها النقابي في تمثيلهم وإيصال صوتهم ومطالباتهم إلى أصحاب القرار في البلاد، مع وجوب عدم تدخل السلطات في عمل تلك الجمعيات دون ضغط أو تأثير يقوضها من مباشرة أعمالها.