رئيسيشئون أوروبية

صربيا على حافة الغليان مع تصاعد الغضب ضد فوتشيتش

تشهد صربيا واحدة من أعنف موجات الاحتجاج في تاريخها الحديث، حيث تحولت المظاهرات الشعبية ضد الرئيس ألكسندر فوتشيتش وحكومته إلى مواجهات عنيفة في الشوارع، وسط اتهامات بتورط مجموعات موالية للسلطة في تأجيج الصدامات، وتحذيرات من انزلاق البلاد نحو الفوضى.

احتجاجات تتسع وتحمل شعارًا قاطعًا: “لقد انتهى”

اندلعت الشرارة الأولى في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي عقب انهيار محطة قطارات في نوفي ساد أسفر عن مقتل 16 شخصًا، بينهم طفلان. ورغم ارتباط الحادث بمشروع تجديد حكومي، أنكرت السلطات مسؤوليتها، ما أشعل حالة غضب تحولت تدريجيًا إلى حركة احتجاجية مستمرة منذ تسعة أشهر.

في الأيام الأخيرة، تصاعدت الاحتجاجات بشكل غير مسبوق، حيث هتف المتظاهرون في نوفي ساد “لقد انتهى”، في إشارة إلى انتهاء شرعية حكم فوتشيتش. وهاجم محتجون مكاتب الحزب الحاكم وحطموا نوافذها وألقوا الأثاث في الشوارع، بينما انتشرت شرطة مكافحة الشغب في بلغراد ونيش ومدن أخرى.

قمع وعنف منظم

شهدت التظاهرات دخول عناصر ملثمة مؤيدة للحكومة، بينهم مشجعو كرة قدم، إلى ساحات الاحتجاج، حيث اشتبكوا مع المتظاهرين. وتقول المعارضة إن هذا التكتيك هدفه إثارة العنف وتبرير القمع الأمني.

النائبة المعارضة بيديا ميتروفيتش، التي تعرضت للضرب أثناء محاولتها تصوير شغب أمام مكاتب الحزب التقدمي الصربي في بلغراد، قالت: “لقد وصلت إحباطات الناس إلى ذروتها ويشعرون وكأنهم في قدر ضغط على وشك الانفجار”.

وأضافت أنها تلقت ضربة على رأسها بعد رفضها حذف تسجيل مصور لاعتداءات الملثمين، مؤكدة أن العنف الممنهج أصبح سلاح السلطة في مواجهة الشعب.

حكومة تتهم المحتجين والعكس

من جانبها، تقول الحكومة إن الأيام الأخيرة شهدت “أعنف هجمات على الشرطة”، مشيرة إلى إصابة 121 ضابطًا واعتقال 114 شخصًا. وزير الداخلية إيفيكا داتشيتش وصف ما يجري بأنه “هجوم جماعي ووحشي دون أي سبب”.

لكن المعارضة تعتبر أن غياب المساءلة في ملف كارثة محطة القطارات هو أصل الأزمة، مؤكدة أن السلطة تحاول قلب الحقائق وتحميل المحتجين المسؤولية، بينما المسؤولون الحقيقيون إما في مناصبهم أو يختبئون خلف حصانات سياسية وادعاءات “الإجازة المرضية”.

أزمة شرعية تتعمق

المطلب الرئيسي للحراك الشعبي هو إجراء انتخابات مبكرة، لكن الحزب الحاكم يرفض الاستجابة، ما يدفع الأمور نحو مزيد من التصعيد. شبكة من الأكاديميين والمعلمين والباحثين من إقليم فويفودينا – حيث بدأت الاحتجاجات – أصدرت بيانًا حذر من أن فوتشيتش “مستعد لإشعال حرب أهلية فقط لتجنب الدعوة إلى انتخابات”.

هذا الموقف يعكس عمق فقدان الثقة بين السلطة والشارع، حيث يرى المحتجون أن النظام فقد شرعيته بالكامل، وأن الاستمرار في الحكم بالقوة سيقود البلاد إلى “نقطة اللاعودة”.

إلى أين تتجه صربيا؟

بين حكومة مصرة على فرض النظام بالقمع، ومعارضة مصممة على إسقاط فوتشيتش عبر الشارع، تبدو صربيا أمام منعطف حاسم. فإما أن تُفتح الطريق نحو انتخابات مبكرة وحوار سياسي جاد، أو أن تنزلق البلاد إلى مرحلة عنف واضطراب طويل الأمد يهدد استقرارها الداخلي وصورتها الدولية.

المشهد الآن يُختصر في صرخة الشارع التي تتردد في مدن صربيا: “لقد انتهى” – في إشارة إلى حكم فوتشيتش، الذي يبدو أنه يواجه أخطر اختبار منذ وصوله إلى السلطة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى