رئيسيشئون أوروبية

خطاب فون دير لاين عن حالة الاتحاد يكشف عمق الانقسامات داخل الاتحاد الأوروبي

تستعد رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين لمواجهة واحدة من أصعب اللحظات في ولايتها الثانية، إذ تلقي يوم الأربعاء خطابها عن حالة الاتحاد الأوروبي أمام برلمان أوروبي منقسم وغاضب، ينظر إلى المناسبة هذه المرة ليس كبداية روتينية للموسم السياسي، بل كمنصة لمساءلة رئيسة المفوضية على سياساتها المثيرة للجدل.

ويعتزم المشرعون الأوروبيون من مختلف التيارات مهاجمة فون دير لاين بشأن قضايا متعددة:

الاتفاقية التجارية مع الولايات المتحدة، التي يصفها المنتقدون بأنها غير متوازنة وتخدم الرئيس الأميركي دونالد ترامب أكثر من أوروبا.

اتفاق “ميركوسور” مع أميركا اللاتينية، والذي يثير غضب المزارعين الأوروبيين.

تراجع الالتزامات المناخية، حيث اتُهمت المفوضية بالتخلي عن سياسات مواجهة التغير المناخي.

الصمت بشأن غزة، الذي يعتبره كثيرون موقفًا غير مقبول أمام ما يوصف بجرائم حرب وإبادة جماعية.

هذه الملفات جعلت خطاب حالة الاتحاد بمثابة عملية إنقاذ سياسي أكثر من كونه استعراضًا لإنجازات العام الماضي وخطط العام المقبل.

أجواء توتر واستقطاب

عادةً ما يُنظر إلى خطاب حالة الاتحاد كحدث رمزي يتخلله كثير من الخطابة وقليل من السياسات الملموسة، لكن هذا العام يطغى عليه التوتر العالي والاستقطاب.

لا تزال الجروح التي خلفها اقتراح حجب الثقة في يوليو/تموز ماثلة، إذ حصلت المعارضة على عدد من الأصوات الكافي لإثارة ذعر المفوضية. وتستعد مجموعات من اليسار واليمين المتطرف لتقديم اقتراح جديد الشهر المقبل، ما يهدد بتحويل أداة الاستجواب إلى إجراء متكرر بدلًا من أن تبقى تهديدًا استثنائيًا.

قال مسؤول في المفوضية، فضل عدم الكشف عن هويته: “المفوضية تدرك أن هناك استياءً واسعًا داخل البرلمان، حتى من بين الأحزاب التي دعمت فون دير لاين، وهذا ما يجعل الخطاب محفوفًا بالمخاطر”.

فجوة في القيادة

يُنظر إلى فون دير لاين على أنها تفتقر إلى انتصارات سياسية كبرى تستطيع التباهي بها، باستثناء صندوق بقيمة 150 مليار يورو لتعزيز الدفاع الأوروبي، وهو بدوره يواجه انتقادات قضائية بسبب تهميش البرلمان. كما تواجه مشروعاتها لتقليل البيروقراطية ومعالجة أزمات الصناعة معارضة من الاشتراكيين والخضر والليبراليين.

قالت فاليري هاير، رئيسة مجموعة رينيو يوروب الليبرالية: “لا يمكن لأوروبا أن تتحمل ركودًا أو جمودًا مؤسسيًا. نحن بحاجة إلى قيادة واضحة، وليس إلى مناورات غامضة”.

حتى حزب الشعب الأوروبي، عائلتها السياسية التقليدية، يواجه انقسامات داخلية. فقد انتقد نواب فرنسيون وبولنديون وأيرلنديون الاتفاقية التجارية مع أميركا اللاتينية، واصفين المفوضية بـ”غير الشفافة”.

ضغوط من جميع الاتجاهات

اليسار الأوروبي يعتزم جمع توقيعات لإطلاق تصويت جديد على حجب الثقة، احتجاجًا على صمت فون دير لاين بشأن غزة وموقفها من التجارة. وقالت مانون أوبري، الرئيسة المشاركة للحزب اليساري: “خطاب حالة الاتحاد أصبح مجرد مهزلة لتلميع صورة المفوضية”.

اليمين المتطرف بقيادة مارين لوبان أعلن خططًا موازية لاستهداف اتفاق ميركوسور.

الاشتراكيون والخضر، الذين دعموا فون دير لاين سابقًا، يطالبونها بتنازلات واضحة للأغلبية الوسطية، محذرين من مغازلة اليمين المتطرف.

معركة على استقرار المشروع الأوروبي

بالنسبة للعديد من الأحزاب الوسطية، الخطر الأكبر ليس فقط سياسات المفوضية، بل زعزعة استقرار الاتحاد الأوروبي عبر معارك سياسية متكررة.

قالت أوتا تاتليس، المتحدثة باسم المجموعة الاشتراكية: “ما نحتاج إليه هو العمل، وليس اقتراح حجب الثقة كل شهرين. هذا لا يخدم استقرار مشروعنا الأوروبي”.

في المقابل، يرى مؤيدو فون دير لاين أن استمرار الهجوم عليها في ظل التحديات الأمنية والاقتصادية، وعلى رأسها الحرب الروسية على أوكرانيا، “يقوض استثمارات أوروبا في دفاعها وأمنها المشترك”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى