
قبل يومين فقط من الموعد المقرر لحظر تطبيق تيك توك في الولايات المتحدة، عاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب ليطرح احتمال التوصل إلى صفقة تنقذ المنصة التي يستخدمها عشرات الملايين من الشباب الأميركيين، رغم الشكوك المتنامية بشأن إمكانية تحقيق اتفاق مع الشركة الأم الصينية بايت دانس.
وكان الكونغرس الأميركي قد أقرّ العام الماضي قانوناً يفرض على بايت دانس التخلي عن ملكية تيك توك أو مواجهة الحظر الكامل داخل الولايات المتحدة، بدعوى مخاوف أمنية متعلقة باستخدام السلطات الصينية لبيانات المستخدمين. طعنت الشركة في القرار حتى وصلت القضية إلى المحكمة العليا، التي أيدت الحظر واعتبرته دستورياً.
ورغم ذلك، أجّل ترامب تنفيذه أربع مرات متتالية، وكان آخر تمديد سينتهي يوم الأربعاء المقبل. هذا التأجيل المتكرر أثار جدلاً واسعاً حول دوافع الرئيس الأميركي، خصوصاً مع اعترافه بأن التطبيق ساعده على التواصل مع الناخبين الشباب الذين لعبوا دوراً في عودته إلى البيت الأبيض.
تصريحات ترامب وإطار الصفقة
قال وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت إن “إطار العمل للصفقة” بات جاهزاً، لكنه رفض الكشف عن تفاصيلها، معتبراً أنها شأن تجاري بين طرفين خاصين.
من جانبه، كتب ترامب على منصة تروث سوشيال أنه تم التوصل إلى اتفاق مع “شركة معينة”، في إشارة واضحة إلى تيك توك، معلقاً: “الشباب في بلدنا سيكونون في غاية السعادة!”. لكنه عاد وألمح للصحفيين لاحقاً إلى أن مصير التطبيق “متروك للصين”، مضيفاً: “قد نترك تيك توك يموت”.
وبحسب محللين، فإن بكين تسعى إلى الحصول على تنازلات في ملفات التعرفة الجمركية والتكنولوجيا مقابل أي تسوية بشأن تيك توك، بينما تبدو واشنطن مترددة. ويرجّح مارك ماكارثي، أستاذ قانون التكنولوجيا بجامعة جورج تاون، أن يتم تمديد المهلة مجدداً، قائلاً: “سيحتاجون إلى فترة قصيرة إضافية للتوصل إلى اتفاق”.
مخاوف مستمرة حول الأمن والخصوصية
اتهامات المسؤولين الأميركيين لم تتغير: يخشون أن تستخدم السلطات الصينية بيانات ملايين المستخدمين الأميركيين لأغراض تجسسية. لكن الرئيس التنفيذي لتيك توك شو زي تشيو دافع مراراً عن المنصة، مؤكداً أن بيانات المستخدمين الأميركيين آمنة.
ومع ذلك، تبقى الخصوصية ليست المشكلة الوحيدة. فقد واجهت الشركة أيضاً دعاوى قضائية تتعلق بادعاءات حول التغاضي عن استغلال الأطفال عبر التطبيق، إضافة إلى انتقادات بشأن انتشار المحتوى المضلل والخطير.
وفي إشارة إلى ثقتها بالسوق الأميركية، نشرت الشركة في الأسابيع الأخيرة إعلانات عن وظائف شاغرة في واشنطن تشمل مختصين بسلامة الأطفال، ومحللين لسلوكيات الاحتيال، ومستشارين للامتثال التجاري العالمي. هذه الخطوة عكست أن تيك توك لم تستعد بعد لسيناريو الخروج من الولايات المتحدة.
ويبقى السؤال الأبرز: هل سينجح ترامب في إبرام صفقة تنقذ التطبيق؟ أم أن الضغوط السياسية والأمنية ستدفع باتجاه تنفيذ الحظر أخيراً؟
المؤشرات حتى الآن توحي بأن تمديداً جديداً هو الخيار الأكثر واقعية، بانتظار اتصالات مباشرة بين ترامب والرئيس الصيني شي جين بينغ المقررة يوم الجمعة. لكن حتى ذلك الحين، يظل ملايين المستخدمين الأميركيين في حالة ترقب لمصير منصتهم المفضلة.



