توسعة الاتفاق البريطاني-الفرنسي قد تخفّض عبور القوارب الصغيرة 75%

أفاد تقرير جديد لمركز الأبحاث «المستقبل البريطاني» بأن توسيعًا كبيرًا لاتفاق «واحد يدخل وواحد يخرج» بين المملكة المتحدة وفرنسا قد يخفض عبور القوارب الصغيرة عبر المانش بنسبة 75%، في وقت تُظهر فيه استطلاعات الرأي ميلًا أغلبِيًّا لدى البريطانيين لتأييد هذه المقاربة ضمن ما يسميه المركز سياسة «السيطرة والرحمة» في الهجرة.
وبحسب الاستطلاع، فإن 55% من الجمهور يؤيدون مبدأ إعادة من يصلون بالقوارب إلى فرنسا مقابل قبول عدد محدد من طالبي اللجوء عبر قنوات منتظمة.
وعند إدراج سقف 50 ألف طالب لجوء سنويًا إلى المملكة المتحدة، انخفض التأييد إلى 48%.
ويكشف تقسيم التفضيلات الحزبية أن أغلبية من ناخبي المحافظين (53%) والليبراليين الديمقراطيين (57%) وحزب العمال (58%) تؤيد الحد الأقصى البالغ 50 ألفًا، مقابل 38% فقط بين ناخبي حزب الإصلاح.
مطبات قانونية مبكرة
يأتي الجدل الحاصل بعد توقيع رئيس الوزراء كير ستارمر والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في يوليو/تموز اتفاقًا يُعيد بموجبه الجانب البريطاني إلى فرنسا من يعبرون القناة في قوارب صغيرة، مقابل قبول طلبات لجوء مسبقة الانتقاء إلى بريطانيا.
لكن تطبيق الآلية يواجه مطبات قانونية مبكرة؛ إذ فشلت أول عملية إعادة هذا الأسبوع بعد أن أوقف قاضٍ ترحيل رجل إريتري مؤقتًا على خلفية ادعاء اتجار وبسبب وضعه الصحي، وفق محاميه.
وقال سوندر كاتوالا، مدير «المستقبل البريطاني» والمؤلف المشارك للتقرير، إن على وزيرة الداخلية شبانة محمود «اغتنام المبادرة بشأن القوارب الصغيرة من خلال خطة واقعية جريئة بما يكفي لإحداث تأثير، لكن مبنية على أدلة قوية».
وأضاف: «الجمهور يريد إجراءً يوقف العبور غير النظامي، لكنه يريد أيضًا حماية اللاجئين المحتاجين. الغالبية تفضّل نظامًا منظّمًا وإنسانيًا على تهديدات شعبوية لا تُقنع سوى أقلية صاخبة».
ويستشهد التقرير بتجربة الإدارة الأميركية التي، بعد بلوغ العبور الحدودي ذروته في 2021، قدّمت قنوات قانونية محدودة وخاضعة للرقابة لمن يستوفون الشروط، مقابل رفض سريع وإعادة لمن لا يستوفونها؛ ما أسهم في انخفاض مطالبات اللجوء المسجلة لدى دورية الحدود الأميركية في ديسمبر/كانون الأول 2024 بنسبة 81% على أساس سنوي، وفق التقرير.
ضغوط حزبية
سياسيًا، يضغط ملف القوارب على حكومة العمال؛ إذ يتراجع ستارمر في بعض الاستطلاعات أمام حزب الإصلاح اليميني الشعبوي الذي يتعهد زعيمه نايجل فاراج بترحيل 600 ألف مهاجر غير شرعي إذا وصل إلى رئاسة الوزراء.
ويجادل تقرير «المستقبل البريطاني» بأن توسيع المخطط البريطاني-الفرنسي سيغيّر سلوك طالبي اللجوء ويقوّض نموذج أعمال المهربين عبر فتح مسارات نظامية موازية وتشديد إجراءات الإعادة.
ومن منظور دولي، قالت روفيندريني مينيكديويلا، مساعدة المفوض السامي لشؤون الحماية في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إن ترحيل طالبي اللجوء المرفوضين «سياسة نؤيدها تمامًا» ما دامت متوافقة مع الضمانات، مشيرة إلى نماذج سويسرا (مهلة 140 يومًا مع محامٍ ومترجم) والنمسا (معالجة فورية لطلبات الوافدين عبر المطارات) كأمثلة على توازنٍ عملي بين الانضباط والإنسانية.
في المقابل، وجّهت لجنة التنمية الدولية في البرلمان انتقادات للحكومة، معتبرةً أن وزارة الخارجية والكومنولث والتنمية تفتقر إلى استراتيجية شاملة لمواجهة أرقام النزوح القياسية عالميًا، محذّرة من أن اقتطاعات التمويل، خصوصًا لبرامج النوع الاجتماعي، ستكون «مُدمِّرة» لحقوق النساء والفتيات.
ودعت اللجنة إلى نشر تقييمات الأثر الموعودة سريعًا، والنظر في تمويل مخصّص لبرامج النساء والفتيات.
وبين شدٍّ قانوني داخلي وضغوطٍ سياسية وشواهدٍ دولية متباينة، يبقى مصير توسعة اتفاق «واحد يدخل وواحد يخرج» رهن قدرة الحكومة على تدعيم المسارات الآمنة وتطبيق آليات إعادة سريعة وعادلة—مع إبقاء الرأي العام في صفّها وهي تسعى إلى خفضٍ جذري لعبور القوارب الصغيرة.



