أوكرانيا تحاول السيطرة على تداعيات فضيحة الفساد الكبرى وسط ضغط دولي

تسعى الحكومة الأوكرانية إلى احتواء الأضرار الناجمة عن فضيحة فساد ضخمة في قطاع الطاقة، وسط تصاعد المخاوف بين حلفائها الغربيين بشأن الشفافية واستمرار الدعم المالي لأوكرانيا في مواجهة الغزو الروسي المستمر منذ 2022.
وأثارت الفضيحة، التي كشفت عن شبهات فساد بقيمة 100 مليون دولار، تورط فيها مسؤولون كبار حاليون وسابقون، بما في ذلك بعض المقربين من الرئيس فولوديمير زيلينسكي، صدمة في كييف في وقت حرج، إذ تسعى البلاد للحصول على موافقة شركائها في الاتحاد الأوروبي على قرض تعويضات بقيمة 140 مليار يورو من الأصول الروسية المصادرة.
وقالت رئيسة الوزراء الأوكرانية يوليا سفيريدينكو لصحيفة بوليتيكو: “خلال حرب عدوان شاملة، عندما تدمر روسيا نظام الطاقة يومًا بعد يوم ويعاني شعبنا من انقطاعات مستمرة، يجب علينا محاربة الفساد بنفس العزيمة التي نحارب بها التهديد الخارجي. تطهير أي فساد في أي مؤسسة حكومية هو مسألة كرامة لحكومتنا”.
وأضافت أن الهدف هو طمأنة المجتمع الأوكراني والحلفاء الغربيين على حد سواء بأن الفساد لن يُتسامح معه.
وفي خطوات عملية لمواجهة الأزمة، أعلنت كييف عن سلسلة إجراءات عاجلة شملت استقالات رفيعة المستوى، وإجراء تدقيق مالي شامل، وإعادة تنظيم الشركات الحكومية في قطاع الطاقة.
كما تم الإعلان عن إقالة وزيري العدل والطاقة، جيرمان غالوشتشينكو وسفيتلانا هرينشوك، وإعادة إطلاق مجلس الإشراف على شركة الطاقة النووية الحكومية “إينيرجوأتوم” بعد إقالة أعضاء مجلس الإدارة ونائب الرئيس المتورطين في الفضيحة.
وأوقفت الحكومة المنافسة على منصب إدارة نظام نقل الغاز الحكومي بعد أن ظهر أحد المرشحين في سجلات التنصت الخاصة بالمكتب الوطني لمكافحة الفساد NABU كمشتبه به محتمل، وأصدرت تعليمات لجميع المجالس الإشرافية بإجراء تدقيق على المؤسسات الاستراتيجية الحكومية، خصوصًا في قطاع الطاقة.
وأكدت سفيريدينكو أن الحكومة ستقدم مرشحين جددًا للمناصب العليا لضمان استمرار الإصلاحات.
من جانبه، شدد كبير مستشاري الرئيس زيلينسكي، أندريه يرماك، على أن التحقيقات تجري بحرية وأن أي مسؤول متورط في فساد سيواجه العدالة، قائلاً: “الرئيس واضح تمامًا: لا أحد بمنأى عن المحاسبة، سواء كان حليفًا مقربًا أم لا”.
وأضاف أن التحقيقات المستمرة تُظهر أن الهيئات الرقابية المستقلة تعمل بشكل فعّال وأن القيادة الأوكرانية ملتزمة بالقضاء على الفساد.
ويأتي هذا التحرك في وقت يواجه فيه البرلمان الأوكراني انتقادات سابقة بعد توقيعه على قانون يقلل من استقلالية هيئات مكافحة الفساد تحت ضغط داخلي، قبل أن تتراجع الحكومة عن هذا القرار بعد تدخل الحلفاء الغربيين.
ويشير محللون إلى أن أوكرانيا بحاجة إلى إرسال رسالة قوية عن الجدية في مكافحة الفساد لضمان استمرار الدعم الغربي، خاصة مع اقتراب فصل الشتاء الذي سيزيد الضغط على النظام المالي والطاقة في البلاد.
وقال ميخائيلو جيرناكوف، المدير التنفيذي لمؤسسة “ديجور” لمراقبة الإصلاح القضائي: “الحكومة الأوكرانية لديها فرصة لتحويل الفشل الحالي إلى فرصة لإظهار التزامها الدائم بمحاربة الفساد، من خلال إصلاحات منهجية وشفافة”.
كما نشر يرماك على منصة تيليجرام تفاصيل اجتماعه مع القائمة بالأعمال الأمريكية في أوكرانيا جولي ديفيس، حيث تم التأكيد على أهمية التحقيقات الشاملة والمهنية، لضمان نتائج ملموسة وعدم استخدام الفضيحة لزعزعة استقرار الدولة لصالح روسيا.
ومع استمرار الغزو الروسي، تعتبر قدرة كييف على معالجة الفساد الداخلي بسرعة وفعالية عنصرًا حاسمًا للحفاظ على الثقة الدولية وضمان تدفق المساعدات المالية والعسكرية الضرورية لمواجهة الشتاء القاسي والتحديات الاقتصادية المستمرة.



