عام صادم لأوروبا في مواجهة ترامب: إهانات متواصلة وصفقة تجارية غير متكافئة

شهدت العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي خلال عام 2025 أحد أكثر فصولها توتراً واضطراباً، بعدما أمطر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أوروبا بسيل غير مسبوق من الإهانات والضغوط، انتهت بقبول بروكسل صفقة تجارية وُصفت على نطاق واسع بأنها غير متوازنة وتميل بشكل واضح لصالح واشنطن.
ومنذ الأيام الأولى لولايته الثانية، لم يُخفِ ترامب عداءه للاتحاد الأوروبي، واصفاً إياه بأنه «فظاعة» على صعيد التجارة، ومؤكداً أنه أُنشئ من أجل «خداع الأمريكيين».
ومع فرضه أعلى تعريفات جمركية تشهدها الولايات المتحدة منذ قرن، صعّد خطابه ضد أوروبا، ونعَتها تارةً بـ«المثيرة للشفقة» وتارةً أخرى بـ«الضعيفة والمتداعية».
ورغم هذا المناخ العدائي، وجدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين نفسها مضطرة في منتصف العام إلى التوجه إلى منتجع ترامب للغولف في اسكتلندا، حيث صافحته أمام الكاميرات وابتسمت في صورة جماعية أصبحت رمزاً لما اعتبره كثيرون رضوخاً أوروبياً قاسياً.
وأسفر اللقاء عن اتفاق تجاري تاريخي من حيث الشكل، لكنه أحادي الجانب من حيث المضمون، إذ فرض أعباء كبيرة على المصدّرين الأوروبيين دون مكاسب موازية تذكر.
ووفق متابعين، لم تقتصر تداعيات العام التجاري العاصف على الأرقام والرسوم الجمركية، بل كشفت هشاشة الموقف الأوروبي واعتماده العميق على المظلة الأمنية الأمريكية، ما قيّد قدرته على الرد أو التصعيد.
ورغم تلويح بروكسل مراراً بإجراءات انتقامية، بما في ذلك استخدام «أداة مكافحة الإكراه» التجارية، إلا أن هذه التهديدات بقيت في معظمها حبراً على ورق.
في يناير، حاول الاتحاد الأوروبي إظهار تماسكه والتأكيد على تنويع شراكاته التجارية، مع تسريع المفاوضات مع دول أمريكا اللاتينية والمكسيك.
لكن في فبراير ومارس، ومع إعادة فرض الرسوم الأمريكية على الصلب والألمنيوم، بدأ يتضح أن الدول الأوروبية السبع والعشرين عاجزة عن الاتفاق على رد موحد، رغم تصاعد لهجة التهديد من واشنطن.
وجاءت ذروة التصعيد في أبريل، حين أعلن ترامب ما أسماه «يوم التحرير التجاري»، فارضاً رسوماً «تبادلية» بنسبة 20% على واردات الاتحاد الأوروبي. وردّ بروكسل جاء خجولاً، مكتفياً بالتأكيد على «الاستعداد للرد»، وسط انقسامات داخلية عطّلت أي إجراء عملي.
ومع اقتراب مهلة يوليو النهائية، تآكلت أوراق القوة الأوروبية أكثر، لتنتهي المفاوضات باتفاق يفرض تعرفة أساسية تبلغ 15% على الصادرات الأوروبية، وهو مستوى اعتُبر أسوأ بكثير مما كانت بروكسل تأمل به في بداية العام.
ودافعت القيادات الأوروبية لاحقاً عن الاتفاق بوصفه «أقل الضررين»، في ظل الحاجة إلى الحفاظ على الدعم الأمريكي في ملفات أمنية حساسة، أبرزها أوكرانيا.
ولم يتوقف الضغط الأمريكي عند هذا الحد، إذ سرعان ما عاد ترامب إلى مهاجمة الضرائب الرقمية والتنظيمات الأوروبية التي تستهدف شركات التكنولوجيا الكبرى، ملوّحاً بإجراءات جديدة.
وفي ديسمبر، اختتم ترامب العام بنفس النبرة العدائية، قائلاً إن الأوروبيين «ضعفاء ولا يعرفون ماذا يفعلون في التجارة».
هكذا، طوت أوروبا عاماً تجارياً قاسياً ترك جروحاً سياسية واقتصادية عميقة، وفتح نقاشاً واسعاً داخل الاتحاد حول الحاجة إلى استقلالية استراتيجية حقيقية، في عالم باتت فيه الشراكة مع واشنطن أكثر كلفة وأقل يقيناً.



