النرويج تقضي بسجن “ذراع الإمارات” 4.5 سنوات
قضت محكمة ستافنجر جنوب غربي النرويج بالسجن أربعة سنوات ونصف على لؤي ديب أحد أهم رجال الإمارات وذراعها في أروقة حقوق الإنسان الذي أدار منظمتها الوهمية لحقوق الإنسان” الشبكة الدولية للحقوق والتنمية” قبل أن تتعرض لضربة قاضية وتتوقف تماما عام 2016.
وأدانت المحكمة النرويجية لؤي ديب بالقضية التي يتداخل فيها الأمني مع الجنائي مع شبهات التخابر لصالح جهات خارجية، وأدين بتهم استغلال أموال الشبكة للعب القمار بملايين الدولارات والاختلاس والاتجار بالبشر وتبييض الأموال، فضلا عن مخالفة قوانين الضريبة والتحايل وتعطيل مسار العدالة.
وبدأت القضية حين داهمت الشركة النرويجية مكتب ومنزل ديب وفتشته لتعثر على أوراق وأدلة تثبت ارتكابه لجرائم جنائية عديدة، وبدأت التحقيق معه ثم بدأت المحكمة النظر في القضية في فبراير/شباط 2018 التي وصفتها صحيفة ستافانغر أفتن بلاديت بأنها “لم تشهد البلاد مثيلاً لها في السابق”.
وتعددت التهم التي قضت بموجبها المحكمة على ديب بالسجن وتشمل “استغلال أموال الشبكة للعب القمار عبر الإنترنت، بنحو 2 إلى 3 ملايين كرونة نرويجية (ما بين 245 ألفاً و367 ألف دولار)، والاختلاس والغشّ والاتجار بالبشر وتبييض الأموال وانتهاك التشريعات الجمركية.
وكشفت الصحف النرويجية عبر عشرات التقارير عن الوجه الحقيقي للشبكة الدولية للحقوق والتنمية، وهي منظمة دولية مقرها النرويج وتدعي أنها منظمة حقوقية، لتبين أنها مجرد أداة في يد المخابرات الإماراتية تستخدمها لتبييض سجلها الحقوقي، وتمرير أهداف الإمارات المخالفة لكل قواعد حقوق الإنسان مثل التستر على مسرحية الانتخابات الرئاسية المصرية لدعم حليف الإمارات الجنرال عبد الفتاح السيسي.
وكشفت وثائق قديمة أن فكرة انشاء الشبكة بدأتها المخابرات الفلسطينية لتكون عاملا مساعدا للسلطة الفلسطينية، قبل أن يستميل المسؤول الأمني الفلسطيني السباق محمد دحلان المشروع لصالح الإمارات، التي يعمل بها مستشارا أمنيا لدى ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان.
وبعد قرار المحكمة، كتبت الصحف النرويجية متساءلة عن الحقوقي الغامض الذي ينفق أموال المساعدات الإنسانية على ألعاب القمار في الإنترنت.
وقالت المحكمة إنه من الصعب جدا تخفيف الحكم، نظرا لظروف الجريمة، وحقيقة أن التحقيق استغرق وقتا طويلا (نحو 3 سنوات).
من جهته، قال المدي العام في أوكوكريم، جواكيم زيسلر بيرج لقناة NRK. “نحن سعداء بالحكم ، الذي يتماشى مع بيانات الادعاء. وتبين أن المحكمة قد قيمت الظروف بنفس الطريقة التي قام بها الادعاء “.
وأقر لؤي ديب بأنها كان يقامر بالملايين لكنها من أمواله الخاصة وليست من أموال الشبكة الحقوقية أو المساعدات الإنسانية، لكن تحقيقات النيابة أثبتت أن الأموال ذهبت من حسابات الشبكة الدولية إلى شركات المقامرة الأجنبية مباشرة.
وادعى ديب أن حسابه في اللعبة تم اختراقه ربما من جهاز المخابرات الإسرائيلي الموساد، أو الحكومة القطرية، الأمر الذي لم يقنع القضاة.
ولم تجد المحكمة أي دليل على أن نشاط اللعبة قد تم إنشاؤه أو تزويره أو اختراقه.
ولم يجد لؤي ديب ما يقوله لقناة NRK سوى: “سنكافح من أجل العدالة”، فيما عبر محاميه كجيل بريجفيلد عن شعوره بخيبة أمل لأن المحكمة أدانة موكله بجميع التهم المنسوبة إليه، وردت جميع البيانات التي قدمها الدفاع.
وقالت شبكة إن آر كي إن ديب اللاجئ الفلسطيني الذي وصل النرويج عام 2001 وحصل على المواطنة لاحقا، قاد الشبكة العالمية للحقوق والتنمية GNRD للنمو بشكل سريع جدا، كما صعد بسرعة قياسية من العمل بوظائف صغيرة “توزيع الجرائد على المنازل) إلى حياة البذخ مع واحدة من أكبر المنظمات الأكثر ربحية في النرويج.
واحدة من الأعمال التي كان يقوم بها ديب في الشبكة العالمية هي تبييض سجل الإمارات الحقوقي، والإعلان مثلا أنها تحتل مراتب متقدمة في احترام حقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير، على النقيض من كل تقارير المؤسسات الحقوقية الدولية ذات المصداقية مثل هيومن رايتس ووتش ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة
كما استخدمته الإمارات للتغطية على مسرحية الانتخابات الرئاسية التي صعدت بالجنرال العسكري عبد الفتاح السيسي لرئاسة مصر بعد انقلابه العسكري على الرئيس المدني محمد مرسي، والذي أودعه السجن مع الآلاف من الذين عملوا معه.
كما استخدمت الإمارات الشبكة العالمية للهجوم الحاد على خصومها السياسيين وخاصة قطر، والتي انبرت الشبكة لتلفيق التهم لها، وتشويه سجلها الحقوقي، ومحاولة التأثير على استضافتها لكأس العالم عام 2022.
ومن جانب آخر، فقد أثارت الجرائم الاقتصادية المتهم بها لؤي ديب الانتباه إلى طريقة استخدامه لأموال المساعدات لتحقيق نزواته، حيث غطى على سرقته لملايين الدولارات للعب القمار باستخدام مشاريع وهمية عبر الادعاء أن الأموال تذهب لتأمين مياه لمعسكرات لاجئين في تشاد والكونغو.
بحسب ما عرض المدعي زيسلربيرغ في مطالعته الأولية، التي قدم فيها إثباتات على لعب ديب للقمار من موقعين شهيرين، مع تأكيد أحدهما أنّ الأخير “كان من زبائننا الكبار”. وهو الأمر الذي أكّدته أيضاً صحيفة “ستافانغر” المحلية في تناولها لقضية ديب.
وفي أحد أشكال التزوير التي استخدمها لؤي ديب، الادعاء بأنه يحمل درجة الدكتوراه في القانون الدولي من فلسطين، ولكن تحقيقا صحفيا للتلفزيون النرويجي بين أنه حضر من غزة للنرويج عام 2001 وهو بسن ال18 عاما فقط، إضافة إلى انه لا يوجد مؤسسة تعليمية تمنح هكذا درجة علمية في فلسطين.
وتوسعت وسائل الإعلام النرويجية في متابعة القضية التي استغرقت دوقتا طويلا في أروقة النيابة والقضاء. ونشرت وسائل الإعلام عشرات التقارير عن علاقات ديب بمحمد دحلان وبعض رجاله الذي عملوا كمساعدين لديب مثل رمضان أبو جزر وهو لاجئ فلسطيني من قطاع غزة أيضا.
وتحدثت تقارير صحفية حول ارتكاب ديب لجرائم من قبيل “تهريب وتوظيف إيرانيين في النرويج بطرق تحمل الكثير من الاحتيال والغشّ”.
وتميزت التقارير الإعلامية النرويجية حول القضية بنشر عشرات الأدلة التي تثبت تورط ديب في الجرائم المنسوبة له.