“لم الشمل” في ألمانيا.. معاناة اللجوء وجدل السياسة
برلين- بعث حديث اللاجئة السورية في ألمانيا فاطمة موسى بصوت خنقته العبرات عن عدم قدرتها على تحمل الحياة بدون أطفالها بعض الدفء بين المئات من مواطنيها اللاجئين الذين وفدوا من مدن ألمانيا المختلفة للتظاهر وسط العاصمة برلين في أجواء باردة مطالبين بلم شملهم مع أسرهم.
“لم الشمل حق إنساني” هتفت الأربعينية القادمة من دمشق، فردد كلماتها المتظاهرون الذين جابوا وسط برلين عصر السبت تعريفا بمشكلتهم، ويناقش البرلمان الألماني “البوندستاغ” اليوم الاثنين تعديل إجراءات لم شمل اللاجئين والتصديق عليها.
ومثل تصنيف “أصحاب الحماية الجزئية” قاسما مشتركا بين اللاجئين السوريين، الذين اختاروا انطلاق مظاهرتهم من “نقطة تفتيش شارلي” المزار السياحي الشهير ورمز التفريق بين الأسر الألمانية في الغرب والشرق قبل سقوط جدار برلين وتوحيد الألمانيتين.
وأوضحت فاطمة أنها قدمت لألمانيا قبل ثلاثة سنوات، وحضرت من ولاية بادن فورتمبرغ الجنوبية حيث تعيش للتظاهر ببرلين ومناشدة نواب البوندستاغ تمكين أصحاب الحماية الجزئية من استقدام أسرهم أسوة بالحق المكفول للحاصلين على حق اللجوء الكامل.
وذكرت أنها تريد رد جميل ألمانيا بخدمة مجتمعها الجديد والاندماج فيه بشكل أفضل، وقالت إن تقييد إجراءات لم الشمل للاجئين أصحاب الحماية الجزئية جعلها أسيرة مخاوف مستمرة على بناتها اللواتي يعشن ظروفا صعبة بمخيمات اللجوء في لبنان.
نقاش سياسي
وتعطي ألمانيا حماية جزئية بدلا من حق اللجوء الكامل لأصحاب طلبات اللجوء الذين تصنفهم بأنهم غير ملاحقين ببلدانهم، ولا يمكن إرجاعهم بسبب الأوضاع المضطربة في سوريا.
وجمدت حكومة المستشارة أنجيلا ميركل في مارس/آذار 2016 إجراءات لم شمل أفراد هذه الفئة، ورأى نورس -وهو طفل سوري يبلغ عشرة سنوات- أن هذا التجميد حرم أعدادا كبيرة من الأطفال السوريين من أحد الوالدين أو كليهما، وأوضح للجزيرة نت أنه جاء مع والدته من كولونيا لبرلين للمشاركة بالمظاهرة والمطالبة بلم شمله مع والده.
ووفقا لأحدث إحصائيات الداخلية الألمانية، يعتبر السوريون الشريحة الأكبر عددا بين اللاجئين بالبلاد (550 ألفا) ويمثل أصحاب الحماية الجزئية شريحة كبيرة بين هؤلاء السوريين، ويعدون لهذا السبب المتضرر الأكبر من تجميد إجراءات لم الشمل.
وتسبب الخلاف -حول تجميد لم شمل اللاجئين أصحاب الحماية جزئية بعد انتهائه في مارس/آذار المقبل- بفشل ميركل في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بتشكيل حكومة جديدة تضم حزبها المسيحي الديمقراطي المؤيد لاستمرار التجميد، وحزب الخضر المعارض لهذا التجميد، والحزب الديمقراطي الحر المطالب بتقييد عام لإجراءات لم الشمل.
وتجدد الجدل بشأن لم الشمل بعد بدء الحزبين المسيحي الديمقراطي والاشتراكي الديمقراطي مفاوضات جديدة لتشكيل الحكومة، وتوافقهما على السماح بلم الشمل لألف “حالة صعبة” من أصحاب الحماية الجزئية شهريا، بدءا من نهاية يوليو/تموز القادم.
الحماية الجزئية
لكن خلافا نشب بين حزبي الائتلاف الحكومي الجديد بعد اتفاقهما، حيث طالب الحزب الاشتراكي بالسماح للاجئين أصحاب الحماية الجزئية بلم شملهم مع أسرهم بلا سقف، من مارس/آذار المقبل حتى سريان التعديلات الجديدة نهاية يوليو/تموز القادم، ويهدد رفض الحزب المسيحي لهذا الطلب بفشل محاولة ميركل الثانية لتشكيل الحكومة.
ورأى اللاجئون السوريون أن قصر من يسمح لهم باستقدام ذويهم على ألف حالة شهريا يعد جورا يستهدفهم ويزيد معاناة أصحاب الحالات الصعبة منهم.
وضمن هذا السياق، أوضح اللاجئ فاروق المصاب بمرحلة متقدمة من التهاب الكبد أنه تظاهر ببرلين وذلك للفت النظر إلى أن هذا التقييد يهدده وكثيرين أمثاله بالتفريق بينهم وأسرهم بشكل دائم.
ودخل حزب “بديل لألمانيا” المعادي للهجرة واللاجئين طرفا بهذا الجدل الدائر مطالبا بإلغاء دائم للم شمل أصحاب الحماية الجزئية، وحذر من أن السماح لهذه الفئة بلم شملها سيفتح أبواب ألمانيا أمام ملايين اللاجئين، وبالمقابل طالب حزب الخضر بتمكين كل الحاصلين على حماية جزئية من لم الشمل.
واعتبرت المتحدثة باسم الحزب في قضايا اللجوء والهجرة بالبوندستاغ لويزا امتسبيرغ أن ربط لم الشمل بملايين اللاجئين لا يستند إلى أي أساس، وقدرت عدم تجاوز عدد أصحاب الحماية الجزئية المسموح لهم باستقدام أقاربهم من الدرجة الأولى كالزوجين والأبناء بسبعين ألف حالة معظمهم سوريون.