الأورومتوسطي: الحكومة العراقية تطرد تعسفيًا مواطنين من أراضيهم في محيط مطار بغداد وتستولي عليها
استنكر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان استيلاء الهيئة الوطنية العراقية للاستثمار على آلاف الدونمات من أراضي المواطنين العراقيين في محيط مطار بغداد ، دون إبداء أسباب مقنعة، أو تعويض المدنيين المتضررين.
وأقرّ مجلس الوزراء العراقي قرار رقم 175 لعام 2019 في مايو الماضي يتيح للهيئة الوطنية للاستثمار تأهيل وتطوير أراضٍ وعقارات بواقع 4000 دونم لصالح شركة “دايكو” العالمية القابضة” و12003 دونم لصالح شركات استثمار أخرى.
وقال المرصد الحقوقي الدولي –مقرّه جنيف- إنّ قرار مجلس الوزراء العراقي بالاستيلاء عنوة على أراضي المواطنين ينتهك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي ينص على حق التملك، ويمنع تجريد أي إنسان من ملكه تعسفًا.
وتقع آلاف الدونمات المصادرة في مناطق مختلفة جنوب غربي بغداد قرب مطارها الدولي، ويعيش فيها نحو 200 ألف نسمة موزعين في مناطق مختلفة، ومستقرين في المنطقة منذ أكثر من مئتي عام.
ورغم وجود مُلّاك يحملون وثائق رسميّة بامتلاكهم للأراضي المصادرة في محيط بغداد ، إلا أن الحكومة العراقيّة برّرت استيلاءها عليها بحجّة أنها أراضٍ عائدة للدولة ضمن منطقة القصور الرئاسية والمواقع العسكرية، ولا توجد حقوق ملكية أو تصرفيّة أو عقود زراعية للمواطنين.
وأفادت شهادات جمعها الأورومتوسطي من أصحاب الأراضي المصادرة أنّ الحكومة أعلنت عبر إعلان تلفزيوني ضرورة إخلاء بعض المناطق، إضافة لأوامر شفهية عن أشخاص يعملون في الهيئة الوطنية للاستثمار، تفيد بضرورة الاخلاء ومغادرة الأرض.
وقال (ف.أ) للأورومتوسطي إنّ هيئة الاستثمار أبلغته بمصادرة 250 دونمًا من أرضه المثبتة بمستندات ووثائق قانونيّة رسميّة في مقاطعة الصقار، دون إبداء نية التعويض أو توفير ملجأ أو وسيلة عمل أخرى نتيجة حرمانه من ممارسة عمله الزراعي في أرضه.
وفي شهادة أخرى، عبّر (أ.ح) عن عجزه أمام مصادرة قوات الأمن بالقوة 200 دونم من أرضه في منطقة الرضوانية الشرقية كان يعتاش من زراعتها وتربية الماشية فيها، إذ تم إبلاغه بوجوب إخلاء الأرض لوقوعها ضمن مشاريع تابعة لهيئة الاستثمار التابعة لرجل الأعمال المقرّب من مجلس الوزراء في الحكومة العراقية سامي الأعرجي، مضيفًا أنه أعرض عن التوجه إلى القضاء خوفًا من رد فعل انتقامي كالسجن أو التهجير.
وفي سياق متصل، قال (أ.م) –المالك لـ 10 دونمات بمنطقة أبو غريب- إنّ الهيئة الوطنية للاستثمار استولت على أرضه بالقوة دون إظهار أيّة أوراق رسمية تُوجب الإخلاء، مضيفًا أن الهيئة لم تعرض ملجًأ آخر ليعيش به مع عائلته بل حذّرته بهدم البيت فوق رأسه إن لم يغادر.
وأكد أن اللجوء إلى القضاء أمر عبثي، إذ أن غالبية الخصوم الذين يستولون على الأراضي –على حد تعبيره- هم أعضاء من مجلس النواب أو مجلس الوزراء.
بدوره، أكّد الباحث القانوني في المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، “محمد عماد”، أنّ قرار مجلس الوزراء العراقي يمثل مخالفة فجّة للقانون والدستور، إذ أن الإخلاء التعسفي والتهجير القسري دون تعويض مادّي يتعارض مع نص المادة “23” من الفقرة “1” من الدستور العراقي، التي تنص على أن الملكية الخاصة مصونة ويحق للمالك الانتفاع بها واستغلالها والتصرف بها في حدود القانون، وتؤكد الفقرة “2” على عدم إجازة نزع الملكية إلا لأغراض المنفعة العامة مقابل تعويض عادل.
وأضاف “عماد” أن القرار يتعارض مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يؤكد في مادته الـ “17” من الفقرة “1” على أن لكل شخص حق التملّك، وكذلك الفقرة “2” التي تنص على عدم إجازة تجريد أحد من ملكه تعسفًا، مشيرًا إلى أن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية أكد في المادة (12/ف1،3) على حماية حق الفرد في السكن واختيار محل إقامته بإرادته الحرّة، كما أكد العهد في المادة “17” أن أي تدخل في حياة الفرد المنزلية لا يجب أن تكون تعسفيًا، بل يجب أن يكون بناءً على قاعدة قانونية مع إتاحة المتضرر بالطعن.
وينصّ إعلان فانكوفر –مؤتمر المستوطنات البشرية الأول لعام 1976 والأكثر تفصيلاً فيما يتعلق بالطبيعة القانونية للحق في الملكية والسكن والأراضي- على أن السكن حق أساسي للإنسان، ويفرض على الحكومة واجب ضمان حصول الجميع عليه، ويؤكد على أنه لا يجب استخدام الأيديولوجيات لحرمان الناس من بيوتهم وأراضيهم أو لترسيخ الامتيازات والاستغلال.
وحثّ الأورومتوسطي مجلس الوزراء العراقي على الوقف الفوري لقرار الاستيلاء على أراضي المدنيين تعسفيًا، إذ ينتهك المجلس جميع حقوق الملكية المنصوص عليها، ويتسبب بقراره بحرمان مئات الآلاف من المواطنين من السكن، إضافة إلى التسبب بموجة نزوح داخلي قد تطال أكثر من 200 ألف عراقي في العاصمة بغداد.
وطالب المرصد الحقوقي السلطات العراقية باحترام المواثيق الدولية والقانون العراقي، والتوقف عن طرد المواطنين تعسفيًا من أراضيهم إلا في النطاق الضيق الذي يتيحه القانون، والالتزام بتعويضهم ماديًا، حتى يتسنى لهم الحصول على سكن آخر لهم ولعائلاتهم.