رئيسيشئون أوروبية

ألمانيا تريد قواعد مالية أكثر مرونة للاتحاد الأوروبي

تسعى ألمانيا إلى الضغط على بروكسل لإصلاح القواعد المالية المتفق عليها حديثا للسماح بزيادة الإنفاق الدفاعي، وهو ما يمثل تحولا جذريا في السياسة مدفوعا بالتطورات عبر الأطلسي.

ودخلت القواعد المالية الجديدة للاتحاد الأوروبي حيز التنفيذ في العام الماضي بعد مفاوضات مشحونة بين البلدان التي تدعم الانضباط المالي الصارم وتلك التي تدعو إلى زيادة الرفع المالي.

وقبل يومين اقترحت المفوضية الأوروبية بند طوارئ يسمح للدول بزيادة إنفاقها الدفاعي مؤقتًا بنسبة تصل إلى 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي سنويًا على مدى أربع سنوات، ولكن حتى هذا، كما يقول الألمان الآن، ليس كافيًا.

وفي اجتماع لسفراء الاتحاد الأوروبي، زعم الوفد الألماني أنه في حين أن خطوة المفوضية كانت خطوة أولى إيجابية، إلا أنها لن تكون كافية لمواجهة الحقائق الجديدة لموقف أوروبا الأمني على المدى المتوسط والطويل، وأن التغييرات في القواعد المالية ستكون ضرورية، بحسب ما ذكره ثلاثة دبلوماسيين من الاتحاد الأوروبي.

ومفارقة هذا الوضع مذهلة: فلسنوات عديدة كانت ألمانيا هي الصقر المالي الأكثر قوة في بروكسل، حيث طالبت بانضباط صارم في الميزانية في مختلف أنحاء الكتلة.

وعندما طرحت الحكومات إمكانية إعفاء الاستثمارات الدفاعية أثناء التفاوض على القواعد المالية الأصلية، كان وزير المالية الألماني السابق كريستيان ليندنر من بين أشد المعارضين للفكرة، في حين دعمتها بقوة دول مثل بولندا وإيطاليا.

ولكن الآن، وفي مواجهة المخاوف الأمنية المتزايدة والحقائق الجيوسياسية المتغيرة، أصبحت برلين تقود الجهود لتحقيق المزيد من المرونة.

وقد أصبحت قوة هذا التحول واضحة يوم الثلاثاء عندما أبرم حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي من يمين الوسط والحزب الديمقراطي الاجتماعي من يسار الوسط ــ الحزبان الرئيسيان اللذان من المقرر أن يقودا ألمانيا بعد انتخابات الشهر الماضي ــ صفقة تاريخية لتعزيز الاستثمارات الدفاعية من خلال إصلاح نظام كبح الديون المثير للجدل في ألمانيا.

وفقد منع هذا التقييد الذي فرضه الدستور أكبر اقتصاد في أوروبا من استخدام السخاء المالي لتعزيز الطلب الداخلي لمدة خمسة عشر عاما تقريبا.

وقال أحد الدبلوماسيين الذين تمت الإشارة إليهم في وقت سابق إن الطلب الألماني “كان غير متوقع: لقد حظي باهتمام كبير”.

وذكر دبلوماسي ثان “كان هذا تبادلاً مضحكاً”. وأضاف أن السفير الفرنسي “كان عليه أن يحذر ألمانيا من الإفراط في المرونة في القواعد المالية. وضحك الجميع”.

ويخلق الاتفاق التاريخي بين حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي بزعامة فريدريش ميرز والحزب الاشتراكي الديمقراطي بزعامة أولاف شولتز استثناء يسمح بإنفاق دفاعي يتجاوز 1% من الناتج المحلي الإجمالي على أساس دائم.

وقد قدر مستشارو الحزبين أن هناك حاجة إلى استثمارات تتراوح بين 400 مليار يورو و500 مليار يورو لتعزيز القدرة الدفاعية للبلاد على مدى السنوات القليلة المقبلة، وهو رقم يجعل خطط المفوضية تبدو غير طموحة.

وللمقارنة، تهدف خطة الاستثناء المالي الحالية للاتحاد الأوروبي إلى إطلاق العنان لنحو 650 مليار يورو من الإنفاق الإضافي في جميع أنحاء الكتلة، وفقا لتقديرات اللجنة التنفيذية للاتحاد الأوروبي.

وتفاعلت الأسواق بسرعة مع الاتفاق الألماني، إذ قفزت تكاليف الاقتراض في برلين بأكثر من 10% خلال اليوم، وهو أكبر ارتفاع منذ عام 1997، تحسبا لتدفق ديون قادمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى