رئيسيمقالات رأي

المهاجرون غير الشرعيين لا يجدون في اسبانيا الجنة التي حلموا بها

برشلونة- أوروبا بالعربي

حصل فرانسيس كاشمبا على 10 يورو مقابل 14 ساعة عمل، بينما يعمل لامين سار بائعا متجولا. بالنسبة للمهاجرين غير الشرعيين في اسبانيا، فإن اوروبا ليست الجنة التي كانوا يحلمون بها.

يقول كاشمبا (32 عاما) “اشعر كأنني طفل صغير لا استطيع ان افعل شيئا، لا استطيع ان اقرر مستقبلي. لو كانت لدي اوراقي لكنت حصلت على عمل وانفقت على نفسي، ولكن ليس بوسعي الان سوى الصلاة”.

يعيش كاشمبا مع 30 مهاجرا اخرين في مدرسة مهجورة في وسط برشلونة احتلوها منذ منتصف نيسان/ابريل احتجاجا على قوانين الاقامة الاسبانية المشددة، رغم الخطوات التي اتخذتها البلاد مؤخرا للترحيب بالمهاجرين.

الشهر الماضي سمحت السلطات الاسبانية للسفينة “اكواريوس” التابعة لمنظمة اهلية فرنسية، كانت تقل 630 مهاجرا بالرسو في ميناء بلنسية شرق البلاد.

وكانت إيطاليا ومالطا رفضتا استقبال السفينة ما أدى الى استياء دولي.

والأربعاء رست السفينة “اوبن ارمز” (الاذرع المفتوحة) في برشلونة وعلى متنها 60 مهاجرا آخرين، بعد ان حصلت على الضوء الاخضر من الحكومة الاشتراكية الاسبانية الجديدة.

ولكن عندما يترك هؤلاء وراءهم الصعوبات التي اضطرتهم الى مغادرة بلادهم والتوجه الى اوروبا، ينتظرهم شكل من اشكال المعاناة، بحسب هؤلاء المهاجرين الذين يعيشون في المدرسة المهجورة.

يقول كاشمبا وهو من اوغندا “اشعر بانني قد خُدعت .. قالوا لي ان اوروبا تشبه الفردوس. ولكن الحياة الواقعية في اسبانيا بحسب ما شاهدت في هذه الاشهر السبعة، ليست جيدة مطلقا”.

سافر كاشمبا جوا الى برشلونة في كانون الاول/ديسمبر ودخلها بتأشيرة سياحية.

ترك زوجته وابنيه وعمله الصغير في التنقيب عن الذهب، على أمل أن يكسب ما يكفي من النقود لشراء معدات تعدين.

لكن في اسبانيا، التي تعاني من ثاني أعلى نسبة بطالة في منطقة اليورو، فإن العثور على عمل هو أمر مستحيل لمهاجر ليس لديه الاوراق الثبوتية المطلوبة.

وطوال شهرين، عمل في ورشة نجارة حيث كان يعمل 14 ساعة يوميا مقابل الحصول على مكان للنوم وراتب يومي قدره 10 يورو (11,6 دولار) يصرف نصفها على الطعام.

بعد ذلك حاول العثور على العمل باجر يومي، حيث ينتظر كل يوم مع عشرات المهاجرين في نفس المكان ليعرض عليه الناس اعمالا صغيرة في البناء او تحميل او تنزيل البضائع، وعادة ما يكون ذلك لقاء اجر صغير.

تقول نورما فالكوني الاكوادورية التي تعيش في اسبانيا منذ 25 عاما وتساعد القاطنين في مدرسة ماسانا “ان عدم امتلاك الاوراق الضرورية يجعل الاف المهاجرين يعيشون في حالة من عدم الامان وعرضة للعمل في السوق السوداء”.

بحسب منظمة “اس او اس راسيسمو” فإن المهاجرين غير الشرعيين يمثلون نحو 10% من 4,5 مليون اجنبي يعيشون في اسبانيا.

وبموجب القانون الحالي يستطيعون الحصول على ترخيص بعد ثلاث سنوات من الاقامة في اسبانيا، ولكن فقط اذا كانوا يملكون عقدا بالعمل بدوام كامل لمدة 12 شهرا على الاقل.

وذلك صعب حتى على أي اسباني شاب تخرج حديثا، ناهيك عن المهاجرين غير الشرعيين الذي يجب على من يوظفهم ان يدفع لهم راتبا ورسوم الضمان الاجتماعي لكي تكون وظيفتهم قانونية.

لامين سار الذي يعمل بائعا جوالا يعلم ذلك جيدا.

يقول سار (35 عاما) وهو من السنغال “انا هنا منذ 12 عاما حياتي هنا ولن اغادر، ولكنهم لا يسمحون لي بالعيش بشكل طبيعي”.

هناك عشرات المهاجرين مثله معظمهم من دول افريقيا جنوب الصحراء يملأون شوارع برشلونة السياحية، ويبيعون النظارات الشمسية والحقائب والاحزمة التي يصفونها على قطعة قماش بيضاء على الارض.

وهم على أهبة الاستعداد لجمع اغراضهم بسرعة والفرار من وجه الشرطة، لانه في حالة القبض عليهم فإنهم يواجهون دفع غرامة ويمكن ان يخسروا السلع والمال.

يقول سار “نحن مطاردون مثل المجرمين (…) وضعي غير شرعي لكنني لن أسرق او أبيع المخدرات (…) ليس لدي سوى قطعة القماش، واذا لم يرغبوا في منحي الاوراق فهذه هي الطريقة الوحيدة لكي ابقى على قيد الحياة”.

ورغم الوضع الخطر فإن كاشمبا لا يزال متفائلا، ويقول “لا نعلم ما سيحدث في المستقبل. ليس لدي عمل، ولكنني اقابل الناس واتعلم لاكون مستعدا عندما احصل على الاوراق الرسمية”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى