أوروبا تراهن على التنافسية الاقتصادية: هل يتراجع الاتحاد الأوروبي عن مبادئه؟
تواجه أوروبا أزمة اقتصادية عميقة، حيث أصبحت قارة أكثر شيخوخة وأقل ديناميكية من ذي قبل. رداً على ذلك، يركز القادة الأوروبيون بشكل متزايد على تعزيز التنافسية الاقتصادية، على أمل أن تتمكن أوروبا من منافسة الولايات المتحدة والصين. لكن هذا التحول يأتي مع مخاوف كبيرة من أن تكون هذه السياسات الاقتصادية الجديدة على حساب قيم أوروبا الأساسية، مثل حماية البيئة، تعزيز حقوق الإنسان، ودعم دولة الرفاه.
في خطوة لتعزيز الاقتصاد، أعلنت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، أن أولوياتها هي الازدهار والتنافسية. وقد تم تعيين مفوضين جدد بمسؤوليات تجمع بين ملفات اقتصادية وبيئية واجتماعية. على سبيل المثال، تم تكليف تيريزا ريبيرا بالإشراف على شؤون المناخ، ولكن مع مهام تنافسية، مما أثار مخاوف من تراجع التركيز على السياسات البيئية.
أزمة الاقتصاد الألماني، الذي لم ينمو في 2023 ومن المتوقع أن ينكمش في 2024، تفاقم هذه المخاوف، مما يدفع بروكسل لوضع الأولوية القصوى على إنعاش الاقتصاد. الفجوة التكنولوجية مع الولايات المتحدة تتسع، مع نمو شركات مثل “نيفيديا” الأمريكية لتصل قيمتها إلى تريليون دولار، بينما لم تتجاوز أي شركة أوروبية 100 مليار يورو خلال الخمسين عامًا الماضية.
الاقتصاد الأوروبي يعاني من نقص في الاستثمارات، حيث دعا الخبراء إلى تعبئة 800 مليار يورو سنويًا لإنعاشه. ولكن القيود المفروضة على الإنفاق الحكومي قد تعرقل هذا الجهد، مما يزيد من الضغط الاقتصادي.
في الوقت نفسه، تحاول أوروبا الحفاظ على التزاماتها تجاه التحول الأخضر والحياد المناخي بحلول 2050. ومع ذلك، تواجه هذه الأهداف تحديات كبيرة بسبب ارتفاع تكاليف الطاقة المتجددة، خاصةً في ظل الأنظمة البيئية الصارمة في أوروبا.
الخلاصة هي أن أوروبا تجد نفسها في موقف حرج: هل يمكنها تحقيق النمو الاقتصادي دون التضحية بالقيم الأساسية التي جعلتها مميزة؟