الشرق الاوسطشئون أوروبية

مطالبات بمحاكمة “مجرمي حرب إماراتيين” جندوا مرتزقة لتنفيذ اغتيالات في اليمن

طالبت الشبكة العالمية لملاحقة مجرمي الحرب اليوم الجمعة المحكمة الجنائية الدولية بالعمل الجاد والسريع وبالتعاون مع الجهات ذات العلاقة لتوقيف مرتكبي جرائم القتل من المرتزقة الأمريكان والفرنسيين ومصدري الأوامر من المسؤولين الإماراتيين، وكل من له صلة ويتحمل مسؤولية بارتكاب هذه الجرائم في اليمن.
وقالت الشبكة العالمية في بيان لها إن اعترافات المرتزقة الأمريكان الذين جندتهم الإمارات العربية المتحدة لتنفيذ جرائم الاغتيال في اليمن، تُشكل حدثا نادرا، حيث يشرح مسؤول المرتزقة عن الجرائم لوسائل الإعلام دون الخشية من أي عقاب، ما يدلل على الحضور الضعيف والأثر الباهت لمنظومة العدالة الدولية وغيابها عن أخذ دورها في تحقيق القانون وردع المجرمين والانتصار للضحايا.
وتُعد الاعترافات دليلا جديدًا على ضرورة محاكمة المسؤولين الإماراتيين الذين يلجؤون لتجنيد المرتزقة في إطار الصراعات الاقليمية في اليمن وسوريا وليبيا وغيرها، أمام المحكمة الجنائية الدولية، نظرا لعدم جدية الإمارات في وقف ارتكاب هذه الجرائم أو مقاضاة المسؤولين عنها.
وجاءت الاعترافات على لسان المتعاقد الأمني الإسرائيلي أبراهام جولان الذي يدير شركة سبير أوبرايشن غروب ومقرها ولاية ديلاوير الأمريكية، ويشغل جنودًا سابقين في القوات الخاصة البحرية الأمريكية، والقوات الفرنسية، للعمل كمرتزقة وقتلة مأجورين، لصالح الإمارات العربية المتحدة.
وصرح جولان ضمن تحقيق صحفي خطير لموقع BuzzFeed الأمريكي، أن مرتزقة شركته عملوا لصالح الإمارات في تنفيذ اغتيالات لسياسيين ورجال دين في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن منذ عام 2015، وقتلوا نحو 30 شخصا وفق طلب الإمارات، خارج إطار القانون.
ويظهر التحول الكبير في الحروب الحديثة واللجوء أكثر للاغتيالات وخصخصة القتل واستخدام القتلة المأجورين، واللجوء للتحايل على القوانين عبر بعض الخطوات الشكلية، الحاجة إلى العمل الدؤوب والنوعي والمشترك لمنظومة العدالة الدولية بما فيها المحاكم المحلية والمحكمة الجنائية الدولية والجهات المعنية بمحاربة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
ورغم تعيين لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة 1987 لمقرر خاص معني بمسألة استخدام المرتزقة كوسيلة لانتهاكات حقوق الإنسان وإعاقة ممارسة حق الشعوب في تقرير المصير، ثم تحويلها للجنة من خمسة خبراء مستقلين، إلا أن منظومة العدالة الدولية لم تنجح في محاربة الظاهرة التي اتخذت أشكالا جديدة مثل الشركات الخاصة التي تعرض مساعدات عسكرية وخدمات استشارية وأمنية في السوق الدولي.
كما لم تنجح لجنة حقوق الإنسان في الاستفادة من المعلومات ذات المصداقية والمعول عليها التي تتلقاها من الحكومات، والوكالات المتخصصة والمنظمات ذات الصلة.
وفي هذا السياق، فقد قدمت الشبكة العالمية لملاحقة مجرمي الحرب مع مجموعة من شركائها مذكرة قانونية تشمل معلومات موثقة ومفصلة عن استخدام الإمارات لمرتزقة من أمريكا اللاتينية وافريقيا في إطار الحرب في اليمن، إضافة لاستخدامها مرتزقة من القوقاز في إطار الحرب في سورية، ومرتزقة أفارقة في إطار الصراع في ليبيا.
إن الاعترافات الصريحة وبشكل علني للمرتزقة بارتكابهم جرائم اغتيال، وهي جرائم حرب، وفق معاهدة روما المؤسسة للمحكمة الجنائية الدولية، تحتم على منظومة العدالة الدولية العمل الجاد والسريع لوقف الجرائم المستمرة التي ترتكبها الإمارات وأطراف أخرى في إطار الحرب الدائرة في اليمن منذ عدة سنوات.
وطالبت الشبكة العالمية الجهات المختصة في الولايات المتحدة الأمريكية بالتحقيق في ارتكاب شركة مرخصة جرائم قتل، وتجنيد مرتزقة، الأمر الذي يحظره قانونان فدراليان، والقانون الدولي الذي وقعت عليه الولايات المتحدة الأمريكية
كما طالبت الشبكة العالمية المحكمة الجنائية الدولية بالعمل الجاد والسريع وبالتعاون مع الجهات ذات العلاقة لتوقيف مرتكبي جرائم القتل من المرتزقة الأمريكان والفرنسيين، ومصدري الأوامر من المسؤولين الإماراتيين، وكل من له صلة ويتحمل مسؤولية بارتكاب هذه الجرائم.
ويقع على عاتق لجنة الخبراء الأممية والمكلفة بالتحقيق بشأن ارتكاب جرائم حرب في اليمن، التحقيق في جرائم الاغتيال المذكورة، ورفع تقارير مفصلة، يتبعها مقاضاة المسؤولين عن ارتكاب الجرائم من المرتزقة والمسؤولين الإماراتيين أمام المحاكم المختصة.
وتدعو الشبكة العالمية الأمم المتحدة الفريق العامل المعني بمسألة استخدام المرتزقة وسيلة لانتهاك حقوق الإنسان وإعاقة ممارسة حق الشعوب في تقرير المصير” برئاسة سعيد مقبل، للعمل بمقتضى المهام الموكلة له من مجلس حقوق الإنسان لمنع جريمة استخدام المرتزقة في النزاعات الدولية.
وتشير الشبكة في هذا السياق إلى أهمية النهوض بالتصديق على الاتفاقية الدولية لمناهضة تجنيد المرتزقة واستخدامهم وتمويلهم وتدريبهم، بالإضافة لتشجيع الدول على سن تشريع وطني خاص بأنشطة المرتزقة.
وفي التحقيق الصحفي المذكور، أسهب جولان المقيم في مدينة بيتسبرغ (بنسلفانيا) في شرح كيفية تنفيذ الاغتيالات، بما ينضوي على أدلة واضحة على ارتكاب جرائم خطيرة ترقى لتكون جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، وهي مخالفة لكل القوانين الدولية والمحلية الأمريكية (حيث ترخيص الشركة) واليمنية، وتقتضي محاكمة القتلة المأجورين والمسؤولين الإماراتيين الذين أمروا بتنفيذ الجرائم.
وكشف جولان عن تفاصيل أول عملية اغتيال نفذها المرتزقة لصالح الإمارات، وتولى قيادتها بنفسه، في ديسمبر/كانون الأول 2015، وكان المستهدف بها مسؤول محلي لحزب “الإصلاح” الإسلامي في عدن، إنصاف علي مايو.
وخطط جولان لزرع عبوة ناسفة على باب مكتب مايو في عدن لقتله مع كل من هو في المكتب لكن خطأ حال دون نجاح المهمة، وانفجرت العبوة ملحقة جرح واضرار بالغة في المبنى الذي يضم مكاتب صحفية.
وخلص تحقيق بازفيد إلى أن هذه العملية شكلت نقطة تحول في سياق الحرب في اليمن، وتبعها سلسلة اغتيالات استهدفت بشكل خاص قادة حزب الإصلاح، وهو فرع يمني لجماعة الإخوان المسلمين. وقتل ما لا يقل عن 400 شخص في عمليات اغتيال قيدت ضد مجهول في عدن ومدن يمنية أخرى.
وقال أبراهام جولان للموقع الأمريكي: “كان هناك برنامج اغتيالات في اليمن، كنت أديره. كان مصادقاً عليه من الإمارات في إطار التحالف السعودي الإماراتي”، لافتا إلى تعاقد الإمارات مع شركته تم في لقاء على وجبة الغذاء في مطعم ايطالي بقاعدة إماراتية في أبو ظبي بدعوة من قائد قوات الأمن الفلسطينية السابق محمد دحلان الذي يعمل مستشارا أمنيا لولي العهد محمد بن زايد آل نهيان، وبحضور إسحاق غيلمور، الذي عمل سابقاً في القوات الخاصة في البحرية الأميركية.
وينص الاتفاق على أن تدفع الإمارات للشركة مبلغ 1.5 مليون دولار شهريا، إضافة لتوفير المعدات والأسلحة لفريق المرتزقة، فضلا عن المعلومات الاستخبارية الخاصة بالضحايا، كما أمنت الإمارات نقل المرتزقة لعدن باستخدام إحدى طائراتها العسكرية عبر قاعدة عصب العسكرية في إرتيريا.
وحالما وصل المرتزقة لعدن، ذكر جيلمور أن ضابطًا إماراتيًا بالزي الرسمي سلمهم قائمة أولية بالأهداف شملت 23 اسمًا، شملت أعضاء في “حزب الإصلاح”، ورجال الدين، وبعضهم من “الإرهابيين”. وأقر جيلمور بأن “هناك احتمالًا أن يكون الهدف شخصًا لا يحبه الأمير محمد بن زايد”.
وقال جولان: “ربما أنا وحش. ربما يجب أن أكون في السجن. ربما أنا شخص سيئ. ولكني على حق”.
وتُعد الانتهاكات الخطيرة لقوانين الحرب، عندما تُرتكب بقصد إجرامي، جرائم حرب، يعاقب عليها القانون الدولي، كل من ارتكبها أو أمر بها، أو ساعد عليها، ويمكن أن يُحاكم أمام محاكم محلية أو دولية، ولهذا فإن هؤلاء المرتزقة والمتعاقدين معهم مسؤولين جنائيا عن جرائم الحرب.
ويهم الشبكة الدولية لملاحقة مجرمي الحرب التأكيد على المبدأ الأصيل بعدم سريان أي تقادم على الجرائم الخطيرة كجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وأن المسؤولية تقع على ممثلي سلطة الدولة وعلى الأفراد الذين يقومون، بوصفهم فاعلين أصليين أو شركاء، بالمساهمة في ارتكاب أية جريمة من تلك الجرائم أو بتحريض الغير تحريضاً مباشراً على ارتكابها، أو الذين يتآمرون لارتكابها، بصرف النظر عن درجة التنفيذ، وعلى ممثلي سلطة الدولة الذين يتسامحون في ارتكابها.
والشبكة العالمية لملاحقة مجرمي الحرب هي مؤسسة حقوقية غير ربحية مقرها لاهاي، تأسست عام 2018، للعمل بشكل مهني ومحايد على توثيق الانتهاكات أثناء النزاعات المسلحة، سواء الدولية أو غير الدولية، والمتمثلة بجرائم الحرب، وملاحقة مرتكبيها، وتقديمهم إلى العدالة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى