رئيسيشئون أوروبية

لوموند: شركة إسرائيلية للتضليل لها مقر في الإمارات حرضت ضد قطر

كشفت صحيفة لوموند الفرنسية عن خفايا تحريض إعلامي وإلكتروني ممنهج ضد دولة قطر في فرنسا في إطار مشروع ضخم للتضليل تديره شركة إسرائيلية تبيع خدماتها في جميع أنحاء العالم.

وقالت الصحيفة في تقرير لها، إن الحملة استهدفت مسئولين قطريين بينهم النائب العام السابق علي بن فطيس المري ووزير العمل القطري علي بن صميخ المري عبر تغريدات وهمية وأنشطة للذباب الالكتروني.

والتقرير الذي نشرته الصحيفة الفرنسية جزء من تحقيق دولي نشرته شبكة “فوربيدن ستوريز” للصحافيين الاستقصائيين حول نشاط شركة إسرائيلية أطلقت عليها اسم “خلية خورخي”.

وقالت لوموند إن الخلية المذكورة مارست تضليلا وتحريضا على قطر قبل أشهر من استضافتها إقامة مونديال كأس العالم 2022 وشمل ذلك نشاطا إعلاميا والكترونيا مسيئا ضد الدوحة.

وذكرت أن الخلية نفسها كثفت في الأسابيع الأخيرة حملة التحريض عبر تهويل وتزييف الحقائق بشأن ما يسمى فضيحة الفساد في البرلمان الأوروبي وربط شخصيات قطرية معينة في القضية.

فضلا عن ذلك أكدت لوموند انخراط مقدم البرامج في شبكة “بي إف إم تي في” رشيد مباركي المتهم بالخضوع لتأثير خارجي في التحريض ضد قطر ودولا أخرى ونشر الشائعات واختلاق الأكاذيب بشأنها.

وضمن الحقائق التي تم كشفها عن خلية التحريض أن لديها مكاتب في كل من اليونان ودولة الإمارات العربية بحسب ما أعلنت المجموعة الدولية “Forbidden Stories” (“القصص الممنوعة”) بالاشتراك مع عدة صحف عالمية.

وكشفت التحقيق الذي استمر العمل عليه لأشهر طويلة عمل شركة اسرائيلية امتهنت “خرق المراسلات والاتصالات وتطبيقات التواصل الاجتماعي المعتقد بأنها الأكثر أمناً”، و”تدبير الافخاخ والايقاع بالأشخاص المناسبين”، وانشاء ألوف الحسابات الوهمية على وسائط التواصل الاجتماعي، أو ما يسميه رئيسها الضابط السابق في القوات الخاصة الاسرائيلية، تال حنان، الذي يقدم نفسه على أنه “خورخي” أو “جويس غامبل”، ويعتبره “تمرساً في الحرب النفسية”.

واتضح أن “خدمات” الشركة الاسرائيلية تلاعبت في انتخابات أكثر من 30 دولة، خصوصاً في أفريقيا، واشترك في هذا التخريب عملاء وشركات أخرى حول العالم.

“لقد عملنا في أوروبا، وأفريقيا، وجنوب شرق آسيا، وأمريكا اللاتينية”، وفق ماشي ميدان، شريك خورخي الإسرائيلي في الشركة الذي أنكر فيما بعد ضلوعه بها، والذي وصفه “خورخي” بأنه “أدار بعضاً من أصعب الحملات – الإنجازات في التاريخ”.

من هو “فريق خورخي”؟

تحقيق “Story Killers” هذا، جزء من تحقيق أوسع حول صناعة المعلومات المضللة، وقد انخرط فيه مئة صحافيّ من 20 مكتباً تحريريّاً، من ضمنها صحف “لو موند”، و”دير شبيغل”، و”هآرتز” و”ذا ماركر” الاسرائيليتين، وصحيفة “الغارديان”.

وحصلت الغارديان على تسريب من ثلاثة صحافيين (من “راديو فرنسا” والصحيفتين الاسرائيليتين) لقطات سرية ووثائق من اللقاءات التي عُقدت لمدة ست ساعات بين تموز/يوليو وكانون الأول/ديسمبر 2022 مع “فريق خورخي”، بعد أن تظاهر الصحافيون بأنهم مستشارون يعملون في دول أفريقية غير مستقرّة سياسيّاً، تريد الحصول على مساعدة لتأخير الانتخابات.

وأقيمت اللقاءات بين الطرفين عبر مكالمات فيديو واجتماعات مباشرة في مكتب الشركة الذي يقع في منطقة صناعية في مستوطنة “موديعين”، على بعد 20 ميلاً من تل أبيب.

يفاخر حنان بفريقه المؤلف من “خريجي جهات حكومية”، يمتلكون خبرة في التمويل وإدارة وسائل التواصل الاجتماعي والحملات، ويعملون من ستة مكاتب حول العالم. وشارك في الاجتماعات أربعة أشخاص، من بينهم شقيقه زوهار حنان، وهو الرئيس التنفيذي للمجموعة.

و”قد لا يكون فريق “خورخي” موجوداً أيضاً” على ما كتبت صحيفة لوموند، في ملاحظتها أنّ “الشركة الوهمية ليس لها موقع إلكتروني أو لوحة مفاتيح أو نموذج اتصال. ولتقديم خدماتها، من الضروري إما مقاربة إحدى الشركات المموّهة التي تغطيها، أو الاتصال بشخص مقرب من “خورخي”، “المرتزق المراوغ الذي لا يقدم نفسه إلا باسم مستعار”.

وأضافت الصحيفة أن الخدمات ترواح بين حملات التشهير الانتقائي والمعلومات المضللة، بدءاً من اختراق البريد الإلكتروني إلى نشر الشائعات عبر المواقع الإخبارية المزيفة وجيوش الملفات الشخصية المزيفة على الشبكات الاجتماعية.

وفق صحيفة “الغارديان”، كشف “خورخي” أنّ خدماته تستهدف وكالات المخابرات والحملات السياسية والشركات التي أرادت التلاعب بالرأي العام بشكل سري.

و”خورخي” (أي تال حنان) مسجّل كرئيس لشركة Sol Energy العاملة في مجال الطاقة، واللافت خصوصاً أنه رئيس لشركة “ديمومان إنترناشونال”، وهي شركة أمنية إسرائيلية تأسست عام 1999 ومتخصصة في “مكافحة الارهاب” والاستخبارات الاقتصادية. ولم تردّ وزارة الدفاع الإسرائيلية على طلبات التعليق التي رفعها الصحافيّون.

وأفادت صحيفة الغارديان بأن فضائح “فريق خورخي” قد سببت إحراجاً لإسرائيل التي تعرضت لضغوط دبلوماسية متزايدة في السنوات الأخيرة بسبب تصديرها للأسلحة الإلكترونية.

كما أطْلع حنان العملاء المفترضين على آخر عمليات الشركة: “نحن الآن منخرطون في انتخابات في أفريقيا. لدينا فريق عمل في اليونان وفريق في الإمارات. تدخّلنا في 33 حملة على المستوى الرئاسي، 27 منها كانت ناجحة”، كما أضاف أنه شارك في “مشروعين رئيسيين” في الولايات المتحدة، نافياً الانخراط مباشرة في السياسة الأميركية.

وكشف التقرير ضلوع الشركة الاسرائيلية في عمليات تضليل وتأثير بالغة الخطورة، من الترويج للطاقة النووية في كاليفورنيا إلى دعم الرئيس السنغالي، ماكي سال، لإعادة انتخابه في عام 2019، وتشويه صورة كزافييه جوستو، المواطن السويسري الذي شارك في فضح فضيحة MDB الماليزية، وكذلك شن الهجمات ضد شركة يخوت كبرى.

وخلال لقائهم بالصحافيين الاستقصائيين، أوضح فريق “خورخي” أنهم كانوا قادرين على البحث بشتى الوسائل عن معلومات خاصة بالمعارضين السياسيين لممارسة أشكال مختلفة من الابتزاز.

أوضح فريق “خورخي” أنهم قادرون على البحث بشتى الوسائل عن معلومات خاصة بالمعارضين السياسيين لممارسة أشكال مختلفة من الابتزاز.

ولتنفيذ “معارك النفوذ” هذه، يطلب “فريق خورخي” من عملائه تحديد هدف سياسي أو اقتصادي دقيق، ونقل أكبر قدر ممكن من البيانات القابلة للاستخدام لمهاجمة الأشخاص المعنيين.

وأثناء الموعد، تُفاوض الشركة على التكلفة، التي تتراوح بين بضع مئات الآلاف من الدولارات لعملية صغيرة إلى 15 مليون دولار لمحاولة التأثير على انتخابات رئاسية.

وفي هذا المجال، كشفت “الغارديان” أنه خلال اللقاءات، قال خورخي أنّه اخترق عبر “تليغرام” حسابين يعودان إلى كينيين مشاركين في الانتخابات العامة، وقريبين من المرشح آنذاك ويليام روتو، الذي انتهى به الأمر بالفوز بالرئاسة.

أرباح بملايين الدولارات

وفي السياق نفسه، أظهرت رسائل البريد الإلكتروني المسربة أن حنان طلب عام 2015 مبلغ 160 ألف دولار من شركة الاستشارات البريطانية “كامبريدج أناليتيكا” – والتي انتهت صلاحيتها الآن – للمشاركة في حملة استمرت ثمانية أسابيع في إحدى دول أميركا اللاتينية.

وعام 2017، تقدم حنان مرة أخرى للعمل مع الشركة البريطانية، هذه المرة في كينيا، لكنها رفضت، حيث إنه طلب بين 400 ألف و600 ألف دولار شهرياً، وهذا مبلغ يتخطى بكثير ما يدفعه عملاؤها. كما كشفت وثائق مسربة أخرى أن “فريق خورخي” عمل جنباً إلى جنب مع الشركة البريطانية للتلاعب في السباق الرئاسي النيجيري عام 2015.

ولفت التحقيق إلى صعوبة التحقق من جميع أقوال الفريق الإسرائيلي في تلك الاجتماعات السرية، وربما كان حنان يتعمد المبالغة لتأمين صفقة مربحة.

وتتلقى الشركة الدفع بأساليب متنوعة، بما في ذلك العملات المشفرة مثل البيتكوين أو النقد أو التبرعات لجمعيات وشركات وهمية.

وقال “خورخي” إنه سيتقاضى ما بين 6 و15 مليون يورو للتدخل في الانتخابات. وأكّد الفريق الإسرائيلي بأنه قادر على الإخفاء التام لكيفية تمويل خدماته.

وكشف التحقيق أن الشركة الاسرائيلية كانت تدير حملات إلكترونية مزيفة تنطوي في الغالب على نزاعات تجارية، في حوالي 20 دولة بما في ذلك المملكة المتحدة والولايات المتحدة وكندا وألمانيا وسويسرا والمكسيك والسنغال والهند والإمارات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى