الاتحاد الأوروبي يفرض عقوبات على “المسيرات الإيرانية”
فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات جديدة على إيران بسبب تزويدها روسيا بطائرات مسيرة في حربها ضد أوكرانيا.
وتأتي العقوبات لتبرز مدى قلق الدول الأوروبية بل الغرب برمّته، من تقدم الصناعة العسكرية الإيرانية والتركية، وما يترتب عنها من تغييرات جيوسياسية.
في هذا الصدد، فرض مجلس أوروبا المكون من ممثلي الدول الأعضاء، أمس الخميس، عقوبات على إيران بسبب دعمها الحربي لروسيا.
وتشمل هذه العقوبات حظر تصدير معدات أوروبية تستعمل أو قد يتم استعمالها في صناعة الطائرات المسيرة “الدرون”.
وفي الوقت ذاته، تمتد هذه العقوبات إلى مسؤولين إيرانيين سياسيين وعلماء، ويتعلق الأمر بمسؤولي البرنامج العسكري الإيراني الخاص بصناعة الطائرات المسيرة، وبعض قادة الحرس الجمهوري.
ولا تعتبر هذه العقوبات جديدة، بل هي الثالثة من نوعها بعد اندلاع الحرب الروسية- الأوكرانية، بعد عقوبات سابقة بدأت خلال أكتوبر من السنة الماضية، ثم فبراير من السنة الجارية.
وفرض مجلس أوروبا العقوبات الجديدة لاعتباره أن الطائرات المسيرة الإيرانية تتسبب في جرائم ضد الإنسانية مثل ضرب البنى التحتية المدنية في أوكرانيا.
ثم بالأساس بعدما جرى العثور على المعالجات الدقيقة وأشباه الموصلات المنتجة في الدول الغربية في طائرات شاهد-136 الإيرانية.
وكانت إذاعة “فرانس أنفو” الفرنسية قد خصصت تحقيقا لهذا الموضوع الشهر الماضي. وكشفت نقلا عن تقارير، وجود معدات إلكترونية دقيقة مصدرها شركات أمريكية مثل “تيكساس أنستمونت” ويابانية وألمانية.
وعمليا، لا يمكن حظر هذه المعدات لأنها متاحة للبيع للجميع وتوظف في صناعة مختلف المعدات خاصة المدنية منها.
ولجأت روسيا للدرون الإيراني “شاهد 136” لأن الرادارات لا ترصده بسهولة، ثم لسعره الرخيص، فهو أقل من جميع صواريخ أنظمة الدفاع الجوي، الأمر الذي يشكل تحديا للدفاعات الأوكرانية. إذ يتم إطلاق صاروخين مضادين للطيران يساوي كل واحد منهما 300 ألف دولار على دورن يساوي 50 ألف دولار، وفي الغالب لا يعترضانه، وهو ما يفسر الأضرار الجسيمة التي يخلفها الدرون الإيراني بالأهداف الأوكرانية.
وتعمد روسيا على الدرون الإيراني كثيرا، لا سيما في ضرب البنى التحتية المحدودة، أو بعض المعدات مثل الدبابات، لكي توفر استعمال الصواريخ باهظة الثمن، وتتركها لضرب مخازن الأسلحة والتجمعات العسكرية الكبرى.
من جهة أخرى، تبرز هذه العقوبات القلق العميق الذي يساور الدول الغربية جراء تقدم الصناعة العسكرية في بعض الدول وعلى رأسها إيران وتركيا.
وقد تعرضت تركيا بدورها لحظر استيراد بعض المعدات التي تستعملها في صناعة الطائرات المسيرة، وما زال هذا الحظر قائما، وإن كانت الدول الغربية وعلى رأسها كندا قد أعلنت استعدادها رفع الحظر بعد قبول أنقرة بانضمام السويد الى الحلف الأطلسي.
وبدأ التقدم التركي والإيراني في مجال الصناعة الحربية يخلق متاعب للغرب، ويتسبب في معطيات جيوسياسية جديدة لم تكن مرتقبة حتى السنوات الأخيرة.
وارتباطا بهذا، لأول مرة خلال القرون الأخيرة، تجري حرب في قلب أوروبا ويتم فيها استعمال أسلحة غير أوروبية وأمريكية، حيث تلعب الطائرات المسيرة الإيرانية من طرف روسيا، والتركية من طرف أوكرانيا دورا هاما في هذه الحرب.
وفي تطور آخر، بدأت عدد من الدول تسعى إلى عقد صفقات مع إيران وتركيا لاقتناء هذه الأسلحة، ومنها الصين وبولندا، لكن الذي يقلق الغرب هو سعي دول إفريقية ومن أمريكا الجنوبية إلى اقتناء السلاح التركي والإيراني، مما قد يحدث تغيرات لم تكن مرتقبة.